والمقصود (١) أنّ مقتضى القاعدة في تعارض الدليلين هل هو الأخذ بالأرجح من أيّ وجه كان؟ أو الأرجح من خصوص بعض الوجوه؟ أو عدم الأخذ به إلا مع ورود نصّ بترجيحه مثل المرجّحات المنصوصة؟ وأنّ مع الشك في أنّ الشارع هل جعله مرجّحا أن لا فهل يجب الاحتياط بالأخذ بما يحتمل كونه أرجح عنده أو لا؟ وكذا مع الشك في الوجود ، فالكلام في المقام أعمّ من بيان الحكم اجتهادا أو أصلا عند الشك ليظهر منه حال سائر الأمارات مطلقا ، وحال الأخبار في غير المنصوصات بناء على عدم التعدي من جهتها ، وحال مشكوك (٢) الموضوعيّة.
إذا عرفت هذه الأمور فنقول : إذا قلنا باعتبار الأخبار أو غيرها من الأمارات من باب الطريقيّة الصرفة فمقتضى القاعدة الأخذ بالأرجح منها عند التعارض إذا كان ذلك الرجحان راجعا إلى أرجحيّة ذيه في الطريقيّة نوعا ، سواء كان راجعا إلى تعدد العنوان أم لا ، أمّا إذا قلنا باعتبار الأخبار من باب بناء العقلاء وأنّ الشارع قرّرهم على العمل بها فواضح ، وكذلك الحال في كل طريق كان معتبرا من باب بناء العقلاء ؛ وذلك لأنّك قد عرفت سابقا أنّ بناءهم في مقام التعارض على الأخذ بأرجح الطريقين من حيث هو ، ولو كان ذلك بملاحظة الأمور المنضمة إليه من الخارج إذا كانت موجبة لقوّة طريقيّته لا لقوة مدلوله ، فالظنون المطابقة لأحد الطريقين الحاصلة من الحدس والوجوه والاستحسانيّة والأمور الخارجية عن طريقتهم مثل الرمل والجفر والنوم .. ونحو ذلك لا اعتناء (٣) بها عندهم ، ففي المقام مجرّد الظن بالواقع من بعض الأسباب التي لا دخل لها بقوّة الطريق لا اعتبار به.
وأمّا الحاصلة من مثل الأعدليّة والأضبطيّة والأكثريّة والشهرة بين الرواة .. ونحو ذلك فمعتبر (٤) عندهم ، وإذا قررهم الشارع على العمل بالخبر بمقتضى طريقتهم في العمل فقد أمضى هذا البناء منهم في مقام علاج التعارض أيضا.
وأمّا إذا قلنا باعتبارها من باب التعبّد ؛ بمعنى عدم كون العمل بها من باب طريقة
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : فالمقصود.
(٢) في نسخة (ب) : المشكوك ، وفي نسخة (د) : الشكوك.
(٣) في نسخة (ب) : لا اعتبار.
(٤) في نسخة (د) : فهي معتبرة.