هل هو (١) الحجيّة أيضا مثل الراجح أم لا (٢)؟ فلا سبب ولا حكومة ولو قلنا به في تعارض الأصلين ، انتهى.
قلت : أمّا ما ذكره من نفي الحكومة في أفراد أصل واحد فالكلام معه في محلّه وأمّا ما ذكره من أنّ التسبب لا بدّ أن يكون بين المشكوكين دون الشكين فهو صحيح ، لكن المقام ليس من التسبب بين الشكين أيضا بمقتضى بيانه ، كما لا يخفى! مع أني أقول لا يمكن التسبب بين الشكين إلا مع كونه بين المشكوكين ؛ إذ ليس الشك في شيء علّة للشك في آخر إلا إذا كان بين الشيئين علّيّة ، وإلا فلو كانا معلولي علّة ثالثة يكون الشكّان في رتبة واحدة ، نعم يمكن أن يحصل من الأول الشك في أحدهما مع الغفلة عن الآخر والشك فيه ، لكن التقدم (٣) الزماني ليس ملاكا كما هو واضح ، بل التسبب إنّما يتحقق إذا كان الشك في أحدهما مع الالتفات إلى الملازمة (٤) ، لكن هذا أيضا إذا كان العلم بأحدهما من باب دليل الإنّ ، وإلا فمع الدليل اللمي هما في مرتبة واحدة كما لا يخفى.
والحاصل : أنّه إذا فرضنا أنّ الملاك في التسبب هو العلية والتقدم الطبعي دون مجرّد عدم تقدم التفات الذهن إلى أحدهما ، فالمثال الذي يمكن أن يكون من تسبب أحد الشكين للآخر دون مشكوكيهما مثال المتلازمين ، وفيها مع فرض الالتفات إليهما وإلى الملازمة بينهما لا يكون الشك في أحدهما مسببا عن الشك في الآخر ، وهذا بخلاف العلم بأحدهما من دليل الإنّ ؛ فإنّه يعقل التسبب كما عرفت.
وأمّا أصل الجواب الذي ذكره محصّله (٥) : أنّ جواز العمل بالراجح معلوم وبالمرجوح مشكوك ، فإن ثبت في المرجوح أيضا يلزمه قهرا كون وجوب العمل
__________________
(١) في نسخة (د) : بل هو.
(٢) في نسخة (د) هكذا : أم فلا سبب ...
(٣) في نسخة الأصل كتبت التقديم ، وما أثبتناه هو من نسخة (ب).
(٤) في نسخة (د) بعد هذا : إلى الآخر وإلى الملازمة بينهما مقدما طبعا على الشك في الآخر ، وهذا غير معقول كما لا يخفي على من راجع وجدانه ، نعم يمكن أن يكون العلم بأحد المتلازمين علّة للعلم بالآخر من جهة أنّه إذا علم به فقد علم بوجود علته ، والعلم بالعلّة مستلزم للعلم بالمعلول الآخر مع الالتفات إلى الملازمة.
(٥) في نسخة (ب) و (د) : ومحصله.