لا يحضره الفقيه في الجمع بين الأخبار ، والظاهر أنّه أراد بالمفسّر المخصص والمقيّد والمبين والمفصل ونحوها ، وبالمجمل خلافها ، وهذه المرسلة أيضا لا دخل لها بمقامنا ، فلا ينبغي عدّها في أخبار التراجيح في المقام أيضا.
نعم يمكن أن يؤيد الأخبار الدالة على وجوب الأخذ بموافقة الكتاب وطرح المخالف بما دلّ من الأخبار الكثيرة على أنّ الخبر المخالف للكتاب باطل وزخرف (١) وأنّه يضرب على (٢) عرض الجدار (٣) ؛ فإنّها لعمومها شاملة للمقام ، هذا ما وقفنا عليه من الأخبار الدالّة على وجوب الترجيح.
وادّعى بعض الأفاضل ورود روايات كثيرة دالّة على وجوب الأخذ بما وافق ما علم من أحاديث الإماميّة ، ونقل عن الفاضل الجزائري (٤) أنّه عمل في هذا الباب رسالة مبسوطة غاية البسط ، فعلى هذا يكون من المرجّحات المنصوصة موافقة الأخبار المعلومة ، ويمكن استفادتهما من بعض الأخبار السابقة حسبما أشرنا إليه.
ثمّ إنهم أوردوا على التمسك بهذه الروايات إيرادات بعضها عامّة وبعضها خاصة ببعضها ، وبعضها في الحقيقة إيراد على بعض المرجّحات المذكورة ، وأنّه لا يصلح مرجحا ، ومن هذه الجهة طرحوا الأخبار ، فمنهم من بنى على العمل بمطلق الظن في مقام الترجيح وجعله بمقتضى القاعدة ، ومنهم من حكم بالتخيير مطلقا ، والسيد الشارح للوافية ـ بعد إيراد بعض هذه الإشكالات ـ حمل الترجيحات المذكورة في الأخبار على الاستحباب.
وقد يقال : إنّ هذه الإشكالات منشأ عدم ذكر القدماء لهذه الأخبار والاعتماد عليها في الترجيح ، وتمسكهم في وجوبه بأدلّة أخرى حسبما مرّت سابقا ، وكيف كان ؛ فنحن نشير إلى تلك الإشكالات ونجيب عنها حسب المقدور ، فنقول :
من الاشكالات العامة : [الموردة على روايات الترجيح] أنّ هذه الأخبار كلّها ضعيفة السند عدا واحد منها ممّا دلّ على الأخذ بالأحدث ، هذا مع أنّ المسألة أصوليّة ، ويعتبر فيها العلم ، ولا يكفي
__________________
(١) الكافي : ١ / ٥٥ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ١٢ ـ ١٤.
(٢) لا توجد كلمة «على» في نسخة (د).
(٣) مجمع البيان : ١ / ٢٧.
(٤) حكاها عنه السيد المجاهد في مفاتيح الأصول وكذا الميرزا الرشتي في بدائعه.