[الإشكالات [المختصة] الموردة على روايات الترجيح]
وأمّا الإشكالات الخاصة ببعض الأخبار ؛ فقد أورد على المقبولة بوجوه :
منها : أنّها ظاهرة في الحكومة والترافع إلى الحاكم ؛ لا بمعنى قاضي التحكيم كما يظهر من الرسالة (١) ، إذ هي ظاهرة في القاضي المنصوب ، كما لا يخفى ، بل هي أحد الأدلة على نصب الحاكم الشرعي ، وإذا كانت ظاهرة في الحكومة فلا يناسبها التعدد ، ولا اختيار كلّ من المترافعين حكما ، إذ أمر المرافعة بيد المدّعي وحملها على صورة التداعي بعيد خصوصا في مسألة الدّين ، إذ الغالب في النزاع فيه أن يكون أحدهما مدّعيا والآخر منكرا ، ولا غفلة كل من الحكمين عن مستند الآخر ، إذ يعتبر في القاضي الاجتهاد واستفراغ الوسع في تحصيل الأدلة ومعارضاتها ، ولا الحكم بعد الحكم ، وحملها على صورة حكمهما دفعة بعيد ، ولا تحري المترافعين في مدرك الحكم من الأخبار ، والأخذ بالأرجح منهما (٢).
ويمكن دفع الأول : بالحمل على قاضي التحكيم وإن كان خلاف ظاهرها ، وفيه يجوز التعدد.
ودعوى أنّه حينئذ إذا اختلفا يسقطان عن الحكومة فلا وجه للأخذ بأعدلهما ، إذ تحكيم الاثنين يقتضي نفوذ حكمهما عند اتفاقهما ، فصورة الاختلاف خارجة عن قصد المترافعين.
مدفوعة بإمكان أن يكون مقصودهما من التحكيم العمل بقولهما مطلقا ، من غير نظر إلى اشتراط اتفاقهما ، ولا تعيين الحال في صورة اختلافهما ، فحينئذ يمكن أن يكون الواجب الأخذ بأعدلهما تعبدا.
ومن ذلك يظهر ضعف ما في الرسالة من إيراد هذا الإشكال ، مع أنّه جعل الرواية ظاهرة في قاضي التحكيم ، إلا أن يقال : إنّ مراده من لفظ التحكيم الحكومة ، لا تحكيم قاضي التحكيم ، ويؤيد بعد دعواه الظهور في قاضي التحكيم ، مع أنّها كالصريحة في المنصوب ، ويبعده قوله بعد ذلك في الموضع الأول في التكلم في
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) في نسخة (د) : منها.