وجوب الظهر ، ونحوه مما يكون الموضوع متعددا نقول : إذا نفى كل منهما الآخر يكون كلّ منهما مجمعا للوجوب وعدمه ، بمقتضى إثبات كلّ من الخبرين ونفي الآخر ، وكذا في مثال تعارض أصالة الطهارة ، فإنّ أصل الطهارة في هذا الإناء يثبت طهارته ، وأصل الطهارة في الآخر ينفيها فيه ، ويثبتها في الآخر ، فيتّحد الموضوع والمحمول ، وغيرهما ... وهكذا في سائر المقامات.
واعلم أنّ هنا أبوابا ربّما يتراءى كونها من باب التعارض ، ويمكن أن يدّعى خروجها عنه ، إمّا من جهة تعدد الموضوع أو المحمول (١) ولو تنزيلا ، أو من جهة عدم المنافاة بين المدلولين ، لكون أحدهما بمنزلة الشارح والمفسّر للآخر :
أحدها : باب التزاحم
فإنّه قد يتخيل كونه من التعارض من حيث عدم إمكان العمل بها (٢) لكنّه ليس منه ، إذ يعتبر في التعارض أن يكون عدم إمكان الجمع من حيث منافاة كلّ منهما للآخر بحيث وجب طرح أحد الظهورين أو كليهما بعد الكشف عن عدم إرادة الظاهر من كلّ منهما وعدم الإمكان في باب التزاحم ليس كذلك ، إذ ذلك إنّما يكون من جهة عجز المكلّف عن العمل بعد العلم بمراد الشارع من كلّ من الدليلين ، ولذا يجري في القطعيين من جهة السند والدلالة أيضا ، مثلا لا إشكال في وجوب إنقاذ كلّ غريق وإطفاء كلّ حريق ، وإذا فرض عجز المكلّف عن الإنقاذين معا فيرفع اليد عن أحدهما ويتركه (٣) من جهة العذر ، لا أنّه يكشف عن عدم الإرادة من الدليل.
ففي باب التعارض الشك إنّما هو في مقدار المراد من كل من الدليلين وأنّ مورد المعارضة داخل في هذا أو ذاك ، وفي باب المزاحمة المراد معلوم والمكلّف عاجز عن العمل على طبقه ، ولذا لا يرجع إلى المرجّحات لأحد الدليلين مثل الشهرة
__________________
(١) في نسخة (ب) هكذا : أو من جهة تعدد المحمول.
(٢) في نسخة (ب) : بهما.
(٣) في نسخة (ب) : ويترك.