أحدها : ما تقدم سابقا من أنّ اختلاف مفاد الأخبار يمنع عن التمسك بها ، وقد عرفت حاله.
الثاني : ما حملنا عليه كلام الشيخ قدسسره من أنّ الوجه في الترجيح أحد أمور أربعة وجميعها محل إشكال.
الثالث : ما احتملنا ثانيا في كلامه من أنّ الأخبار طوائف ، ولا يمكن التعويل على شيء منها ؛ لأنّ كلّا منها محل إشكال لا بدّ من طرحه ، وأنت خبير بأنّ الأخبار الساكتة عن الوجه لا وجه لطرحها ، نعم لو فرض ظهورها في التعبديّة بحيث لا تقبل التوجيه أو فرض عدم إمكان كون المخالفة موجبة لقوّة في المخالف يجب طرحها ، ولكنّ الأمر ليس كذلك كما عرفت مفصّلا.
وينبغي التنبيه على أمور :
[تنبيهات المقام الرابع]
الأمر الأول (١) : [حيثيّة الرشد في خلافهم للترجيح بمخالفة العامّة؟]
ذكر في الرسالة (٢) أنّ الترجيح بمخالفة العامّة إن كان من باب كون الرشد في خلافهم يكون من المرجّحات المضمونيّة ، وإن كان من باب عدم احتمال التقيّة يكون من المرجّحات الجهتيّة ، ويدلّ عليه ما دلّ على الترجيح بشهرة الرواية معلّلا بأنّه لا ريب فيه بالتقريب المتقدم سابقا ، والثمرة بين الوجهين تظهر فيما يأتي ، وغرضه أنّه على الأول يقدّم على المرجّحات السنديّة ، وعلى الثاني فهو متأخر عنها لما يأتي.
قلت : لا يخفى أنّه على الثاني أيضا يرجع إلى ترجيح المضمون ؛ لأنّ أحد الخبرين إذا كان لبيان الحكم الواقعي والآخر لا لبيانه ، فلا شكّ أنّ مضمون الأول أقوى من الثاني ، فيكون حاله حال سائر المرجّحات المضمونيّة ، ولا فرق بين تقوية المضمون أو لا ، أو بملاحظة عدم صدوره تقيّة.
(ودعوى أنّ صدور أحدهما تقيّة) (٣) لا يكون مقويّا لمضمون الآخر ، وإنّما هو
__________________
(١) كتب في النسخ : أحدها ، ولكن لتوحيد لفظ العدد مع ما بعده كتبناه هكذا.
(٢) فرائد الأصول : ٤ / ١٣٨.
(٣) قد كتبت هذه العبارة بهامش الكتاب إلى جانب هذا السطر بدون إشارة لموقعها ، فاحتملنا ـ أن تكون في هذا المكان منه ، وهي كذا كتبت في نسخة (ب) و (د).