بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله الذي ذي المنّ والفضل بأن منّ علينا بنبي هو أفضل الأنبياء ، وبأئمة هداة ميامين قد أورثوا علم الكتاب ، وما نزل به الروح الأمين على قلب جدّهم الرسول الصادق المصدق ، فبثّوا علومهم بين الأنام ، خصوصا بين شيعتهم الكرام ، وكان من بياناتهم الموجبة لمزيد الفضل منّة علينا أن بيّنوا «علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع» ، فلم يألوا جهدا في ذلك طيلة حياتهم وما كتبه الله لهم من عمر ، فكانوا عليهمالسلام خير خلفاء لجدهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، في إفاضة العلوم على أصحابهم.
ولمّا كان من سنن الله عزوجل اختيارهم إليه دون بقائهم بين ظهراني الناس فقد أوجبوا على أصحابهم نشر تلك العلوم وإبلاغ من لم يصل إليهم بذلك ، بل شجّعوا على التفقه في الدين وحثّوا شيعتهم على الاهتمام بذلك ، فكانت غاية همّ أصحابهم أن يكتبوا حديثا ورد عنهم عليهالسلام ، أو يبيّنوا فقه حديث ورد عن جدهم صلىاللهعليهوآله ، وكل فقيه كان يوصي من بعده بذلك ، حتى وصل إلينا ما صدر عنهم من علوم جليلة ، قد تضوع عنها عطور الإلهام الإلهي.
وكان من بياناتهم لشيعتهم ـ أيدهم الله ـ التأكيد على متابعة الفقهاء والأخذ عنهم فمنها قولهم في بعض أصحابهم «.. أمناء الله على حلاله وحرامه» (١) ومن أقوالهم «.. وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله ..» (٢) ، وغيرهما من الآثار المعصوميّة المرشدة إلى هذا المعنى ، وممّن هو الفرد الأكمل في دائرة الفقاهة ، بل إنسان عين الفقه على الإطلاق آية الله
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ١١ ، حديث ١٤.
(٢) الاحتجاج : ٤٦٩ ، الغيبة : ١٧٦ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٩.