المضمون الظاهر من الخبر صادرا عن الإمام عليهالسلام ، ولا يتفاوت ـ في كون هذا متضمنا للمفسدة أو الكفر أو عدمه ـ بين أن يكون عدم إرادة الظاهر من جهة التقيّة في أصل الصدور ، أو من جهة التأويل في الظهور.
فلنا أن نقول : لو كان عمدة التنافي إرادة خلاف الظواهر (١) لم يكن في إنكار كونه من الإمام عليهالسلام مفسدة ، وكيف كان ؛ فظهر أنّ الحقّ ما ذكره صاحب الحدائق من أنّ عمدة الاختلاف هي التقيّة ، وأنّها لا تختص بصورة الموافقة للعامّة ، وإن كان الحمل عليها في مقام الترجيح لا يكون إلا مع موافقة أحد الخبرين لهم ، وليس غرضه أنّ الحمل عليها في مقام الترجيح لا يشترط بموافقة العامّة ، فلا وقع لما أورده عليه بعض الأساطين ـ وهو الوحيد البهبهاني على ما أشرنا إليه ـ بما مرّ ، بل لا وقع لسائر ما أورد على هذا الكلام ؛ فراجع فوائده الجديدة (٢) حيث نقل كلامه وأورد عليه بأربعة إيرادات يطول الكلام بذكرها ودفعها.
الأمر الرابع : [كيفيّة تحقق الموافقة والمخالفة للعامّة]
موافقة العامّة تارة تكون بملاحظة أقوالهم كما هو الظاهر من (قوله عليهالسلام) (٣) ترك ما وافقهم ، وقوله عليهالسلام «خذ ما خالف القوم ـ أو ـ العامّة» ، وتارة يكون بملاحظة أخبارهم وإن لم تكن معمولا بها بينهم ، ويدلّ على الترجيح بهذا الوجه بعض الأخبار المتقدمة ، إذا لم يحمل على الغالب من موافقة عملهم ، أو عمل بعضهم بمقتضى ذلك الخبر ، وتارة تكون بملاحظة ميل حكّامهم ـ على ما يستفاد من المقبولة ـ ، وتارة يكون بملاحظة مطابقة (٤) الخبر لقواعدهم أو شباهته لأقوالهم في كيفيّة البيان ، من اشتماله على وجه استحساني أو قياسي أو نحو ذلك ؛ على ما يستفاد من قوله عليهالسلام «ما سمعتم منّي .. إلى آخره» ، وهل يعتبر في الترجيح بالوجه الأول موافقة أقوال جميعهم أو يكفي البعض أو الأكثر بحيث يصدق الاستغراق العرفي وحينئذ (٥) ؛
__________________
(١) في نسخة (د) : الظاهر.
(٢) الفوائد الحائريّة : ٣٥٤ ـ ٣٥٥.
(٣) أثبتناه من نسخة (د).
(٤) في نسخة (د) : مضايقة.
(٥) في نسخة (د) بدل كلمة «وحينئذ» كتبت كلمة «وجوه». وهو الأنسب.