هذا ؛ ولو كان أحد الخبرين موافقا لهم في بعض مضمونه أو فقراته ، مخالفا لهم في البعض الآخر ؛ مع كون المعارضة بين الجميع ، فإن أمكن التفكيك يفكك فيؤخذ ببعض هذا وببعض ذاك ، وإلا فلا ترجيح لأحدهما على الآخر ، لكن يبعد التفكيك على الوجه الأول إذا كانت الموافقة والمخالفة بالنسبة إلى بعض المضمون ، فإنّ اللفظ واحد ، فهو إمّا صادر تقيّة أو غيرها ؛ فتدبّر!.
الأمر الخامس : [الموافقة والمخالفة لا تلحظ فى كل الأخبار المتعارضة]
إذا كانت المعارضة بين أخبار ثلاثة : كأن يدلّ أحدها على الوجوب والآخر على الاستحباب ، والثالث على الحرمة مثلا ، وكان أحدها موافقا للعامّة دون الآخرين فيطرح الموافق ، ويلاحظ التعارض بين الآخرين ، فيرجح أحدها (١) على الآخر إذا كان هناك مرجّح ، وإلا فيحكم بالتخيير بينهما ، وكذا الكلام بالنسبة إلى سائر المرجّحات في الصورة المفروضة.
الأمر السادس : [أثر تنقيح جهة الصدور]
إذا علم كون أحد الخبرين ـ على فرض صدقه ـ صادرا على وجه التقيّة ، وجب العمل بالآخر مطلقا ، سواء كانا موافقين للعامّة أو مخالفين ، أو مختلفين ، بناء على مذهب صاحب الحدائق من أنّ التقيّة قد تكون لمجرد إلقاء الخلاف ، وكذا إذا اقترن بأحد الخبرين أمارات التقيّة بحيث خرج عن ظهور كونه لبيان حكم الله الواقعي ، فإنّه يخرج عن الحجيّة ويبقى الخبر الآخر حجّة ، وسقوطه ليس لأجل المعارضة كما هو واضح.
وإذا علم أنّه ـ على فرض الصدور ـ صادر لا على وجه التقيّة (٢) ، فيقدم على الخبر الآخر المحتمل للتقيّة مطلقا ، حتى في صورة كونه موافقا للعامّة ، والآخر مخالفا ، بناء على كون الوجه في التقديم هو التقيّة فقط ، وبناء على كون الوجه كون الرشد في خلافهم يقدم الآخر في هذه الصورة ، لإطلاق قوله عليهالسلام «خذ ما خالف القوم ..» (٣) ،
__________________
(١) في نسخة (د) : أحدهما.
(٢) في نسخة (د) : العقليّة. وهو خطأ.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي : حديث ٣٠ ، وفيه : خذوا.