المضمون ، فمثل العمومات الدالّة على البراءة لا تكون مرجّحة حجّة (١) للخبر الدالّ على عدم التكليف واقعا ؛ لأنّ مضمونه نفي التكليف في الظاهر ، نعم تكون مرجّحة للخبر الدال على أصالة البراءة ، مثل قوله عليهالسلام «كل شيء مطلق ..» (٢) بالنسبة إلى ما دلّ على الاحتياط مثل قوله عليهالسلام «أخوك دينك ..» (٣) ، وهذا واضح بناء على اعتبار كون المرجّح مقوّيا لمضمون أحد الخبرين ، نعم بناء على الترجيح بالأصل العملي يكون مرجّحا من حيث الكتابيّة ، كما أنّه مرجّح من حيث إنّه أصل.
الثاني : [كما أنّ موافقة الكتاب من المرجّحات كذلك المخالفة له مرجّحة] كما أنّ موافقة الكتاب من المرجّحات كذلك المخالفة له مرجّحة للخبر الآخر ، فإذا فرضنا أنّ أحد الخبرين دلّ على حرمة شيء والآخر على وجوبه ، وكان الكتاب دالا على عدم الحرمة ، وكان ساكتا عن أنّ الحكم هو الوجوب أو غيره فيقدم الثاني لعدم مخالفته للكتاب ، وإذا فرض خبر آخر دالّ على الاستحباب ؛ يسقط ما دلّ على الحرمة ويقع التعارض بين ما دلّ على الوجوب وما دلّ على الاستحباب (٤).
الثالث : [أحد الخبرين موافق لعموم كتابي والآخر لعموم آخر] إذا فرضنا أنّ أحد الخبرين موافق لعموم كتابي ، والآخر لعموم آخر فيسقط هذا المرجّح ، إلا إذا علم منسوخيّة أحد العمومين ، ولو فرض موافقة أحدهما لعام كتابي ، وشكّ في موافقة الآخر لعام آخر وعدمها يرجّح الأول ؛ لأنّ المرجح له معلوم ولكن لا بدّ من الفحص أولا كما هو واضح ، ومع اليأس عن وجود عامّ يطابق الثاني يرجح الأول.
الرابع : [أحد الخبرين موافق لعام كتابي مخصص بالمجمل] إذا وافق أحد الخبرين لعامّ كتابي مخصّص بالمجمل ، بحيث سقط عن الحجيّة ، لا يرجح بالموافقة المذكورة كما هو واضح.
الخامس : [أحد الخبرين موافقا لعام والآخر موافقا لعام مخصّص للأول] إذا كان أحد الخبرين موافقا لعام ، والآخر موافقا لعام مخصّص للأول ،
__________________
(١) لا توجد هذه الكلمة في نسخة (د).
(٢) هذه مرسلة الفقيه وهي «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» : ١ / ٣١٧ وفى طبعة أخرى ص ٢٠٨ حديث ٩٣٧ ، وانظر الوسائل : ٦ / الباب ١٩ من أبواب القنوت حديث ٣.
(٣) أمالي الشيخ المفيد : ١١٠ ، حديث ١٦٨ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٤١.
(٤) ولا يشكل لمنع التعارض بأنّهما في سياق واحد وبينهما سنخيّة ، والوجه أنّ الوجوب بمفاد المصلحة الملزمة المانعة عن الترك «أي بشرط شيء أو بشرط لا» بينما الاستحباب بمفاد المصلحة غير الملزمة بالترك «أي بمفاد اللابشرط».