فبناء على التواتر والحجيّة (١) ، ولو لم نقل بالتواتر يكون مرجحا ، وبناء على عدم التواتر أو عدم الحجيّة لا يكفي ، إذ ليس إلا الاحتمال ، نعم ؛ بناء على التعدي عن المنصوصات أمكن الترجيح بمجرّد هذا الاحتمال.
الثامن : [فرض عدم دلالة الكتاب ـ في نظرنا ـ على ما يوافق أحد الخبرين] إذا فرض عدم دلالة الكتاب ـ في نظرنا ـ على ما يوافق أحد الخبرين ، إلا أنّه استشهد الإمام عليهالسلام في ذلك الخبر بالآية ، بحيث يظهر منه أنّه المراد ؛ ففي كفايته للترجيح وجهان : أقواهما ذلك إذا كانت الآية قابلة للحمل على هذا المعنى ، فتدبّر! ثمّ إذا كان أحد الخبرين موافقا لمعنى بطني للآية (٢) ، ففي تقديمه أيضا وجهان.
ومنها : السنة ؛ (٣) والترجيح بموافقتها كالترجيح بموافقة الكتاب ؛ والكلام الكلام حرفا بحرف ، إلا أنّ مذهب الأخباري والأصولي هنا لا يتفاوت ، وبحث جواز التخصيص وعدمه أيضا ساقط ، إذ لا خلاف في جواز تخصيص السنّة بخبر الواحد إلا عن شاذ لا يعبأ به (٤) ، وجميع صور تقديم الموافق من باب الترجيح حتى صورة التباين ، إذ الخبر المخالف للسنّة ليس باطلا إلا إذا كانت السنّة قطعيّة السند والدلالة ، ولا فرق في السنّة المرجّحة بين أن تكون قطعيّة أو ظنيّة ، منقولة بخبر الواحد.
ومنها : أخبار الإماميّة ؛ المعلومة أو المظنونة ، سواء كانت عامة أو خاصة ، حسبما مرّ في الكتاب ، ويدخل فيه ما إذا كان في أحد الطرفين خبر واحد ، وفي الآخر خبران أو أكثر ، إذا اتفقا في اللفظ والمضمون ، أو في الثاني فقط ، ولا إشكال في الترجيح به ، بل هو منصوص كما عرفت سابقا.
ومنها : الشهرة والإجماع المنقول ؛ بناء على حجيّتها ، بل كلّ أمارة مستقلة معتبرة ، فإنّ الخبر الموافق لها مقدّم على الآخر بلا إشكال.
ومنها : الأصول العمليّة بناء على كونها من باب الظن ، ما عدا الاحتياط ، فإنّه ليس من باب الظن قطعا ، لكنّ الترجيح بها على هذا البناء مبني على المختار من أنّ
__________________
(١) في نسخة (د) : .. أو الحجيّة.
(٢) المقصود : معنى تأويلي للآية ، وهو التفسير بالباطن المقابل للظاهر.
(٣) أي من الأمور التي توجب قوّة أحد الخبرين ؛ وهي من القسم الثاني من المرجحات المضمونيّة بمعنى ما هو مستقل بالاعتبار ، وقد مضى من تلك الأمور الأول وهو الكتاب.
(٤) نسب المنع لابن قبة ولابن الجنيد.