المقام الخامس (١) :
في تعارض (٢) المرجحات مع بعضها
ومقتضى القاعدة بناء على التعبديّة وعدم التعدي عن المنصوصات الأخذ بالترتيب المذكور في المقبولة ، وبناء على التعدي إن قلنا بتعبديّة المنصوصات وأنّ التعدي مستفاد من دليل آخر غير الأخبار ؛ مثل بناء العقلاء أو الإجماع : ففي تعارض المنصوصات بعضها مع بعض مقتضى القاعدة الترتيب المذكور ، وفي تعارض بعضها مع غيرها ، أو غيرها بعضه مع بعض : لا بدّ من الأخذ بالأقوى (لأنّ هذا الفرض خارج عن الأخبار ؛ فيعمل فيه بمقتضى القاعدة المستفادة من بناء العقلاء من الأخذ بالأقوى) (٣).
ويحتمل تقديم المنصوصات على غيرها ؛ لإطلاق أدلّتها ، فيكون بناء العقلاء مقصورا على مورد عدم النص ، وهذا هو الأقوى ، لكنّ الفرض المذكور بعيد من حيث هو ؛ لأنّه إذا بنينا على تعبّديّة المنصوصات فلا يعتبر غيرها ، وبناء العقلاء والإجماع يوجبان عدم التعبّدية ، وانفهام كون المناط هو الأقوائيّة من الأخبار ، وأمّا بناء على التحقيق من كون المدار على قوّة أحد الخبرين ، وأنّ ذكر المنصوصات في الأخبار من باب المثال ، أو من باب مجرّد التعداد ، فصورة التعارض خارجة عن الأخبار ، ولا بدّ فيها من الأخذ بمقتضى القاعدة ؛ من العمل بالأقوى كائنا ما كان ، إلا أنّه لا بدّ من كون أقوائيّة أحد المرجّحين بحيث يكفي في ترجيح الخبر ، كما أنّ أصل المرجّح في غير صورة المعارضة لا بدّ أن يكون بهذا المقدار ، فمجرّد الأقوائيّة بأول درجة لا يكفي في ترجيح أحد المرجّحين.
كما لا تكفي مثل هذه المزيّة في غير صورة المعارضة ، فلا بدّ أن يكون بمقدار لا يتحير (٤) العرف عند التعارض في الأخذ بأيّهما ، بمعنى أنّهم بعد ملاحظة أنّ
__________________
(١) لا توجد كلمة «الخامس» في نسخة (د) ، والمقصود هنا : الخامس من المقام الثالث.
(٢) في نسخة (د) هكذا : تعارض بعض المرجحات مع بعض.
(٣) ما بين القوسين لا يوجد في نسخة (د).
(٤) في نسخة (د) : لا يتميز العرف ...