[خلاصة البحث في تعارض المرجحات]
فتحصّل ممّا ذكرنا من أول المسألة إلى هنا أنّه لا ترتيب بين أنواع المرجّحات بأن يكون الصدوري مثلا مقدّما على الجهتي كليّة ، أو المضموني على الصدوري كذلك ، على ما اختاره الشيخ ، أو بأن يكون الجهتي مقدّما عليها ـ على ما اختاره بعض الأفاضل ـ وكذا لا يقدّم بعض أصناف نوع واحد كليّة على غيره ، حسبما اختاره الشيخ أيضا بالنسبة إلى موافقة الكتاب ، أو الشهرة والشذوذ ، بل المدار على كون أحد المرجّحين أقوى من حيث تقوية طريقيّة الخبر ، وهذا يختلف باختلاف المقامات بملاحظة الجهات الخارجيّة ، وباختلاف أصناف المرجّحات وأفرادها.
نعم ؛ لا نضايق من تقديم بعض الأصناف على بعض مع عدم ضمّ الخصوصيّات ، من حيث كونه أقوى نوعا ، كما في معاضدة (١) أحد الخبرين بدليل معتبر من كتاب أو سنّة ، أو خبر آخر ، ولو ظني أو غير ذلك من الأدلّة ، كما إذا كان موافقا للشهرة الفتوائيّة ـ إذا قلنا بحجيتها ـ وكما في الشهرة والشذوذ بالنسبة إلى مخالفة العامّة ، وفيها بالنسبة إلى المرجّحات الصدوريّة ، وفي الشهرة الفتوائيّة بالنسبة إلى سائر المضمونيّات غير موافقة الكتاب إلى غير ذلك .. ، وليس المدار على الظن الفعلي من أحد المرجّحين ؛ بل يقدم الأقوى في تقوية الطريقيّة وإن كان الظن الفعلي مع الآخر ، خلافا لبعض الأفاضل ؛ حيث جعل المدار على الظن الفعلي في غير المرجّح الجهتي.
وأمّا فيه فقد عرفت أنّه قدّمه على غيره من المضموني والصدوري مطلقا ، وحاصل ما اختاره : أنّ المرجّح الجهتي لمّا كان من باب التعبد وإطلاق قوله عليهالسلام «ما سمعت منّي يشبه ..» فهو مقدّم على غيره ، وأمّا غيره من أفراد الصدوري إذا تعارض بعضها مع بعض ، أو المضموني مع الصدوري ، فلمّا كان من باب القاعدة والأقوائيّة فالمدار فيه على الظن الفعلي ، فيقدم ما أفاده على غيره ؛ كائنا ما كان ، وما فيه لا يخفى على النبيه ، ولا حاجة إلى التنبيه بعد ما مرّ ؛ فتذكر!.
__________________
(١) في نسخة (د) : معارضة.