في الحاكم ، إلا مع قرينة مدفوعة بالأصل ، فإذا فرضنا قوّة مدلول المحكوم ، وضعف مدلول الحاكم ، لا يقدم المحكوم ، لأنّ نظره مانع منه ، ويقوي مدلوله أيضا.
قلت : هذا إنّما يتم بلا إشكال فيما إذا كان الحاكم نصّا في النظر إلى ذلك المحكوم وإن كان ظاهرا في أصل المدلول ، بل كان دلالته على أصل المدلول في غاية الضعف ، أو كان نظره أقوى من دلالة المحكوم على مدلوله ، فإنّه حينئذ يصير بمنزلة النص في أصل المدلول ، أو بمنزلة الأظهر لتقوية المدلول بالنظر ، وأما إذا فرض كون دلالة المحكوم على مدلوله أقوى من دلالة الحاكم في نظره بحيث يمكن صرفه عن نظره ، فلا يتمّ ، إذ مدلول المحكوم في عرض مدلول الحاكم (١) ، وفي عرض نظره أيضا ، بمعنى أنّ هذا الحاكم بلحاظ تمام مدلوله النظري والأصلي معارض بالمحكوم ، فإذا كان أقوى يقدم عليه ، ولا يحتاج إلى قرينة أخرى ، بل هو قابل لصرفه عن النظر أيضا كما هو قابل لصرفه عن مدلوله ، فلو فرضنا إمكان صرف قوله عليهالسلام «لا حرج ..» مثلا عن النظر إلى قوله «توضأ للصلاة ..» ، ولو بقرينة خارجيّة كما هو المفروض في كلامه قدسسره فنقول : يمكن أن يكون دلالة قوله «توضأ ..» على وجوب الوضوء ، ولو كان حرجيا ، في غاية القوة ، بأن يكون الوضوء ممّا يكون غالب أفراده حرجيّا ، بحيث يظهر منه وجوب الفرد الحرجي أيضا في خصوص المقام ، فإذا فرضنا كونه أقوى من ظهور «لا حرج ..» في شموله للوضوء ، ونظره إلى دليله نمنع تقديم الأول ، بل بعكس (٢) الأمر ، وإذا كانا متساويين نتوقف ، فيكون حال الحاكم والمحكوم حال المتعارضين في أنّ المناط هو أظهريّة الدلالة.
نعم ؛ لو كان صريحا في النظر إلى خصوص هذا العموم توجّه ما ذكره ، لكن حينئذ لا يمكن صرفه عن نظره ، فيخرج عن المفروض في كلامه قدسسره ، بل أقول : إنّ الحاكم إذا كان عاما فيكون نظره إلى كلّ واحد من المحكومات تابعا لعمومه ، بالنسبة إلى مدلوله ، وإن كان نصا في أصل النظر ، وتكون قوّة نظره تابعة لقوّة ظهوره في مدلوله ، وإذا أخرجنا واحدا من الأفراد عن مدلوله يسقط نظره بالنسبة إليه.
__________________
(١) من قوله «في نظره» إلى قوله «الحاكم» لا يوجد في نسخة (ب).
(٢) في نسخة (ب) : نعكس.