يكون حالها حال الأدلة الاجتهاديّة والأصول ، لكن ليس الأمر كذلك ، وبعد اللّتيا والتي فالمدار في الحاكم والمحكوم أيضا على الأظهريّة ، إلا أنّه لا يلاحظ المدلول الأصلي فقط ، بل يلاحظ مع حيثيّة النظر ، فإن كان نصا أو أظهر مع تلك الملاحظة ، يقدم على المحكوم ، وإلا فلا.
ودعوى أنّ نظره يوجب قوّة مدلوله في جميع المقامات وإن لم يكن نصا ولا أظهر في النظر وأنّ لسانه النظري ليس في عرض مدلول المحكوم ، كما ترى!
ثمّ لا يخفى أنّه قد يكون الحاكم أخص من المحكوم مطلقا ، ويكون تقديمه على العام لا من حيث إنّه أخص ، بل من جهة نظره إليه ، مثلا إذا فرضنا خاصا ناظرا بسياقه إلى العام بحيث كان مع الإغماض عن نظره ضعيفا في مدلوله ، بحيث يقدم العام عليه ، ويحمل على ما لا يخالف العام ، فبعد ملاحظة حيثيّة نظره يقدم عليه ، إذ لو [لم] يقدم يلغو نظره المفروض فعليته ، بل قد يكون الخاص مجملا محتمل لما يكون تخصيصا ، ولما لا يكون ، ويكون نظره معيّنا للتخصيص ، كما إذا قال أكرم العلماء ، وقال أيضا لا تكرم زيدا وكان زيد (١) مشتركا بين العالم والجاهل فإنّه لا يخصص به العام ، بل ربّما يجعل ظهور العام قرينة على إرادة زيد الجاهل ، فيحكم معه برفع إجماله ، وإذا فرض كون ذلك الخاص ناظرا إلى العام بسياقه يتعيّن حمله على زيد العالم ، حتى يكون مخصصا للعموم شارحا له ، إذ لو حمل على زيد الجاهل يلزم إلغاء نظره ، ومع ذلك لا يخرج عمّا ذكرنا من أنّ المدار في جميع الموارد على الأظهريّة كما لا يخفى.
[المقام] الثالث : في بيان عدم كون الحكومة من التعارض :
ولا يخفى أنّ الحاكم قد لا يكون منافيا للمحكوم أصلا حسبما عرفت سابقا كالأمارات والأصول المثبتة لموضوعات أدلّة الأحكام ، كالأصل الموضوعي الموافق للأصل الحكمي ، وهذا القسم ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الإشكال في القسم الآخر ، فإنّه ربّما يتخيل كونه من التعارض من حيث إنّ ظاهر المحكوم يقتضي حكما مغايرا
__________________
(١) لا توجد كلمة «زيد» في النسخة (ب).