لمسألة التصويب والتخطئة بالمقام ، إذ مع فرض تجويز الاجتماع لا نقول بالأخذ بالأصل والدليل معا ، وكذا على القول بالتصويب ، إذ مع فرض وجود الدليل في مقابل الأصل العملي لا يجوز الأخذ بالأصل ، وإن قلنا بتغيّر الأحكام بالعلم والجهل ، فهذا أيضا إنّما يناسب المقام الآخر ، وهذا واضح جدا.
وبعد اللّتيا والتي لا بأس بعد (١) الحاكم والمحكوم من المتعارضين ، غاية الأمر أنّ الحاكم مقدّم على المحكوم ، والوجه في تقديمه : كونه مبيّنا ومفسّرا ، بخلاف العام والخاص ، فإنّ تقديم الخاص من دلالة العقل ، فإنّ هذا المقدار من الفرق لا يقتضي خروجها عن باب (٢) التعارض بعد وجود مناطه فيها ، وهو تنافي مفاد الدليلين بمعنى عدم إمكان الأخذ بظاهر كل منهما ، ولذا قد يقدم المحكوم إذا كانت قوّة دلالته على مدلوله بمقدار يزيد على دلالة الحاكم ، ولو بعد ملاحظة نظره حسبما عرفت سابقا ، والأمر سهل.
تذييل : [دفع المنافاة بين مؤدّيات الأصول والواقع المجهول]
لا بأس بالتعرض للمقام الآخر الذي أشرنا إليه على سبيل الإجمال ، حسبما يقتضيه مقام الاستعجال ، وإن لم يكن للتفصيل مجال فنقول : قد يتخيل التناقض بين مؤدّيات الأصول والواقع المجهول إذا كانت مخالفة له بناء على ما هو الصواب من التخطئة من عدم تغير الأحكام الواقعيّة بالجهل ، فإنّ الموضوع الخارج الواحد على هذا يتصف بحكمين مختلفين مآلهما إلى التناقض ، فإنّه إذا كان الشيء الخارجي حراما أو واجبا واقعيا (٣) ، ولم يكن عليه دليل ، وأدّت الأصول إلى حليّته أو عدم وجوبه ، يلزم ما ذكر.
وهذا إنّما يتوجّه بناء على كون مؤدّيات الأصول أحكاما ظاهريّة شرعيّة ، إذ على الوجه الآخر وهو كونها أعذارا شرعيّة نظير مؤدّيات الطرق على ما هو التحقيق من أنّها كالطرق العقليّة في أنّها لا تحدث حكما على المكلّف ، وإنّما الواجب عليه
__________________
(١) في نسخة (ب) : لعدّ.
(٢) في نسخة (ب) : من باب.
(٣) في نسخة (ب) : واقعا.