اعتبارها مقيّد بعدمها ، فالمستفاد من كلام الشارع أيضا كذلك ، فإنّه يفهم من قوله «إذا شككت في الواقع فابن على كذا» أنّه إذا لم ينكشف الواقع بالطرق المعيّنة له من العلم ، وما في عرضية يجب البناء على كذا ، ولعمري إنّ هذا الوجه حسن ، وإن كان الوجه السابق وهو الحكومة تماما أيضا.
وما ذكره المحقق الأنصاري قدس سرّه في أواخر باب الاستصحاب من أنّ هذا الوجه لا يتم إلا بالحكومة ، حيث قال (١) : ومغالطة هذا الكلام لا تندفع بما ذكرنا من الحكومة ، قد عرفت ما فيه سابقا.
وممّا يؤيد هذا الوجه أنّهم لا يفرقون في تقديم الدليل الاجتهادي على الاستصحاب بين القول بكونه من الأصول التعبديّة والقول بكونه من باب الظن ، فإنّه حينئذ دليل اجتهادي ، ومع ذلك متأخر عن سائر الأدلة ، فيكشف هذا (٢) عن كون دليل اعتباره مقصورا على صورة عدم وجود سائر الأدلة الاجتهاديّة ، وكذا الحال في أصل البراءة بناء على ما ذهب إليه بعضهم من أنّه من باب الظن (٣).
[الوجه] الثالث (٤) : أنّه من باب التخصيص :
وذلك لأنّ كلّ واحد من الأدلة الاجتهاديّة أخص مطلقا من كلّ من الأصول ، فإنّ الدليل هو كل واحد (٥) من الأخبار مثلا ، فقوله التتن حرام أخص من قوله المشكوك حلال وهكذا ، وكون دليل اعتبارها ـ وهو آية النبأ أو غيرها ـ أعم من وجه لا يضرّ بعد كون المناط في التعميم والتخصيص نفس الدليل ، لا دليل الدليل ، وهذا إنّما يتم إذا لم نجعل كلّ واحد من الاستصحابات ـ مثلا ـ دليلا ، وقوله لا تنقض دليلا عليها ، وإلا يكونان متباينين.
والتحقيق أنّ الدليل هو نفس لا تنقض لا خصوص الاستصحابات ، فتتمّ الأخصيّة
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣ / ٣١٦.
(٢) في النسخة هكذا : عن هذا عن كون .. ، وصوبنا المتن هنا من نسخة (ب).
(٣) بعدها في نسخة (ب) : فتأمل.
(٤) العنوان الثالث من العناوين التي تتصور في تقدم الدليل الاجتهادي على الأصل.
(٥) في نسخة (ب) : كل واحد واحد.