وفاقه ، وتمسّك به في أصل تقديم الدليل على الأصل ، مع أنّ الكلام في سرّ هذا الإجماع ، وإلا فمن المعلوم تحقق الإجماع على تقديم الأدلة على الأصول ؛ فتدبّر!
[الوجه] الرابع : أنّه من باب التخصيص أيضا :
لكنّه لا لما ذكرنا من الأخصيّة بل للزوم اللغويّة في جعل الأمارات على فرض عدم التقديم ، وذلك لأنّ نسبتها إلى الأصول نسبة واحدة ، فإذا قدّمنا الأصول عليها في صورة مخالفتها معها يلزم ما ذكر ، إذ مع الموافقة أيضا لا حاجة إليها ، فتنحصر حجّيّتها في موارد الأصول العقليّة الصرفة ، وليس إلا التخيير في صورة الدوران بين المحذورين ، مع عدم حالة سابقة ، ذلك لأنّ البراءة وإن كانت بحكم العقل إلا أنّها ثابتة بالأخبار أيضا ، ومورد الاحتياط يندرج في أخبار الاستصحاب ؛ لأنّه مختص بما إذا كان التكليف ثابتا بالعلم الإجمالي ، فيشمله قوله لا تنقض اليقين ، إذ رفع اليد عن التكليف المعلوم بغير الإتيان بالطرفين نقض بغير اليقين ، ودعوى أنّه من الأصل المثبت مدفوعة بما ذكرنا في محله.
والحاصل أنّ الاستصحاب من الأصول التعبديّة الشرعيّة ، والبراءة والاحتياط وإن كانا من العقليّة إلا أنّ الشرع أيضا حاكم بهما ، فلا يكونان مورودين بالنسبة إلى الأدلة الاجتهاديّة ، فمع عدم تقديمها (١) يلتزم انحصار موردها بموارد التخيير العقلي ، وهي قليلة في الغاية ، فيلزم اللغويّة في جعلها ، والفرق بين موارد الأصول التعبديّة وبين الأمارات لا وجه له ، فيجب تقديمها مطلقا.
[الوجه] الخامس : أنّه من باب التخصيص ؛ لكن بلحاظ الحكومة :
ومن جهتها ؛ بيان ذلك : إنّ المعارضة وإن كانت بين دليل حجيّة الأمارات والأصول ، ودليل الحجيّة عام إلا أنّه حاكم على أدلّة الأصول ، لصدق ميزان الحكومة عليه ، وهو أن يكون تعقل أحد الدليلين موقوفا على تعقل الآخر ، دون العكس ، إذ تعقل قوله صدّق العادل موقوف على تعقل أنّه لو لاه لكان الحكم هو
__________________
(١) في نسخة (ب) : فمع تقديمها يلزم.