[١ / ب] بسم الله الرّحمن الرّحيم
صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله
قال الشيخ الإمام العالم العامل شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن محمد الهائم الشافعي ، أسبغ الله ظلاله وختم بالصالحات أعماله. أما بعد حمد الله مولى النّعم ، والموفّق لأقوم اللّقم (١) ، والصلاة والسلام على محمّد المبعوث إلى العرب والعجم ، وعلى آله وصحبه العوالي الهمم :
فإن من أعظم ما امتنّ به الرحمن على الإنسان تعليمه القرآن العظيم الشأن. وإنّ شكر النعمة يزيدها ويستوجب مزيدها ، وإن من حقّ من أتحف بنعمة تعليم القرآن أن يعتني بتفهّمه وتدبّره حسب الإمكان ، وأدنى مراتبه أن يعرف معاني الألفاظ الغريبة ليتأتى له تدبّر آياته العجيبة ؛ ليترقى بذلك عمّن يحفظه كالرّقى الشّبيهة بالمهمل ، فإنه يقبح بالمحصّل أن يسأل عن مدلول ما يحفظه فيجهل.
وإنّ من أنفس ما صنّف في تفسير غريب القرآن مصنّف الإمام أبي بكر محمد بن عزيز (٢) المنسوب إلى سجستان ، إلّا أنه يحوج المستغرب لكلمات سوره إلى كشف حروف وأوراق كثيرة ، لا سيما السّور الطوال ، وقاصر همّة ذي ملال ، فرأيت أن أجمع ما تفرق من غريب كل سورة فيما هو كالفصل ، مع زيادة أشياء في بعض المواضع على الأصل ، لتسهل مطالعته وتتم فائدته ، فشرعت فيه متوخيا للتسهيل مجتنبا للإكثار والتطويل ، مستعينا بذي الحول ، ومستمدّا من ذي الطّول ، حريصا أن آتي بعبارته في الأكثر ، وألّا أخل منه بشيء إلا ما تكرّر. والمزيد وإن ارتبط بالأصل في العبارة فيكفيه للتمييز بينهما زاي ودارة ، وسمّيته «التّبيان في تفسير غريب القرآن».
وبالله التوفيق إلى سواء الطريق.
__________________
(١) اللّقم : وسط الطريق. (اللسان والتاج ـ لقم).
(٢) كذا كتب في الأصل بالزاي في آخره ، وكذلك في مواضع أخرى من الكتاب ، ولم يكتب بالراء إلا في الخاتمة عند النقل عمن يقول إنها بالراء المهملة في آخر الكلمة. وكتابته بالراء أو بالزاي موضع خلاف أشار إليه المصنف في الخاتمة وذكرته في المقدمة ، وآثرت إبقاءه كما جاء في المخطوطة حيث ورد.