سَمِعَهُ يَنْهى عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لَايَعْلَمُ ، فَحَفِظَ مَنْسُوخَهُ وَلَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ ، فَلَوْ (١) عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ ـ إِذْ سَمِعُوهُ مِنْهُ ـ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ.
وَآخَرَ رَابِعٍ لَمْ يَكْذِبْ عَلى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مُبْغِضٍ لِلْكَذِبِ ؛ خَوْفاً مِنَ اللهِ تَعَالى وَتَعْظِيماً لِرَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لَمْ يَنْسَهُ (٢) ، بَلْ حَفِظَ مَا سَمِعَ عَلى وَجْهِهِ ، فَجَاءَ بِهِ كَمَا سَمِعَ ، لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ (٣) ، وَعَلِمَ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ ، فَعَمِلَ (٤) بِالنَّاسِخِ وَرَفَضَ الْمَنْسُوخَ ، فَإِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٥) مِثْلُ الْقُرْآنِ ، نَاسِخٌ (٦) وَمَنْسُوخٌ ، وَخَاصٌّ وَعَامٌّ (٧) ، وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ ، قَدْ كَانَ يَكُونُ (٨) مِنْ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم الْكَلامُ لَهُ وَجْهَانِ : كَلَامٌ (٩) عَامٌّ وَكَلَامٌ خَاصٌّ مِثْلُ الْقُرْآنِ ، وَقَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي كِتَابِهِ : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١٠) فَيَشْتَبِهُ عَلى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ وَلَمْ يَدْرِ مَا عَنَى اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم كَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَفْهَمُ ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُهُ وَلَا يَسْتَفْهِمُهُ ، حَتّى أَنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الْأَعْرَابِيُّ وَالطَّارِئُ (١١) فَيَسْأَلَ
__________________
(١) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وكتاب سليم والخصال والوسائل والوافي. وفي سائر النسخوالمطبوع : « ولو ».
(٢) في « ج ، بح ، بس ، بف » وحاشية « ب » والخصال والغيبة للنعماني : « لم يسْهُ ». وفي شرح المازندراني : « الهاء في « لم ينسه » للوقف ، أو عائد إلى « شيءٍ سمعه » بقرينة المقام ».
(٣) في حاشية « ج ، ض » : « عنه ».
(٤) في الوافي : « وعمل ».
(٥) في كتاب سليم والغيبة للنعماني : « وإنّ أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونهيه ».
(٦) في الوسائل : « منه ناسخ ».
(٧) في « ف ، بس » وكتاب سليم والغيبة للنعماني : « وعامّ وخاصّ ».
(٨) « قد كان » : تأكيد لقوله : « فإنّ أمر النبيّ ... » ولهذا ترك العاطف. واسم « كان » ضمير الشأن. و « يكون » تامّة ، وهيمع اسمها ـ وهو الكلام ـ خبر « كان ». و « له وجهان » حال عن « الكلام » أو نعت له ؛ لأنّ اللام فيه للعهد الذهني فهو في حكم النكرة ، أو خبر « يكون » إن كانت ناقصة. شرح المازندراني ، ج ٢ ، ص ٣٨٧ ؛ مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٢١٣.
(٩) في « ألف ، ج ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » : « وكلام ».
(١٠) الحشر (٥٩) : ٧.
(١١) « الطاري » : مَن يأتي من مكان آخر ، أو يأتي فجأة. يقال : طرأ عليهم ، أي أتاهم من مكان ، أو خرج عليهم