ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « أَفَصَعِدْتَ السَّمَاءَ؟ » قَالَ : لَا ، قَالَ : « أَفَتَدْرِي (١) مَا فِيهَا؟ » قَالَ : لَا ، قَالَ : « عَجَباً لَكَ (٢)! لَمْ تَبْلُغِ الْمَشْرِقَ ، وَلَمْ تَبْلُغِ الْمَغْرِبَ ، وَلَمْ تَنْزِلِ الْأَرْضَ ، وَلَمْ تَصْعَدِ السَّمَاءَ ، وَلَمْ تَجُزْ (٣) هُنَاكَ ؛ فَتَعْرِفَ مَا (٤) خَلْفَهُنَّ (٥) وَأَنْتَ جَاحِدٌ بِمَا فِيهِنَّ؟! وَهَلْ يَجْحَدُ الْعَاقِلُ مَا لَايَعْرِفُ؟ ».
قَالَ الزِّنْدِيقُ : مَا كَلَّمَنِي بِهذَا أَحَدٌ غَيْرُكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « فَأَنْتَ مِنْ ذلِكَ فِي شَكٍّ ، فَلَعَلَّهُ هُوَ ، وَلَعَلَّهُ لَيْسَ هُوَ ». فَقَالَ الزِّنْدِيقُ : وَلَعَلَّ ذلِكَ (٦) ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « أَيُّهَا الرَّجُلُ ، لَيْسَ لِمَنْ لَايَعْلَمُ حُجَّةٌ عَلى مَنْ يَعْلَمُ ، وَلا حُجَّةَ لِلْجَاهِلِ (٧) ، يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ، تَفَهَّمْ عَنِّي (٨) ؛ فَإِنَّا لَانَشُكُّ فِي اللهِ أَبَداً ، أَمَا تَرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَلِجَانِ (٩) فَلَا (١٠) يَشْتَبِهَانِ (١١) ، وَيَرْجِعَانِ قَدِ اضْطُرَّا ، لَيْسَ لَهُمَا مَكَانٌ إِلاَّ مَكَانُهُمَا ، فَإِنْ كَانَا يَقْدِرَانِ عَلى أَنْ يَذْهَبَا ، فَلِمَ يَرْجِعَانِ؟ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُضْطَرَّيْنِ ، فَلِمَ لَايَصِيرُ اللَّيْلُ نَهَاراً ، وَالنَّهَارُ لَيْلاً؟ اضْطُرَّا ـ وَاللهِ يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ـ إِلى دَوَامِهِمَا ، وَالَّذِي اضْطَرَّهُمَا أَحْكَمُ مِنْهُمَا وَأَكْبَرُ ». فَقَالَ الزِّنْدِيقُ : صَدَقْتَ.
__________________
(١) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : « فتدري » بدون « أ ».
(٢) في التوحيد : « قال : لا ، قال : فأتيت المشرق والمغرب فنظرت ما خلفهما؟ قال : لا ، قال : فعجباً لك » بدل « قال : لا ، قال : عجباً لك ».
(٣) في التوحيد : « ولم تخبر ». وفي الوافي : « لم تجز ، بضمّ الجيم من الجواز ».
(٤) في الوافي : « ما » : إمّا موصولة ، أو استفهاميّة. وعلى التقديرين فهي المشار إليها بـ « ذلك » في قوله : « فأنت من ذلك في شكّ ، فلعلّه هو » ، أي فلعلّ ما خلفهنّ هو الربّ.
(٥) في « ج ، بح ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : « خلقهنّ ».
(٦) في حاشية « ف » والتوحيد : « ذاك ».
(٧) في التوحيد : « للجاهل على العالم ».
(٨) في حاشية « بح » : « منّي ».
(٩) في شرح صدر المتألّهين : « يلجئان ».
(١٠) في حاشية « ض ، بح » والتوحيد : « ولا ».
(١١) في التوحيد : + « يذهبان ».