يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، أَتَانِي عَبْدُ اللهِ الدَّيَصَانِيُّ بِمَسْأَلَةٍ لَيْسَ الْمُعَوَّلُ (١) فِيهَا إِلاَّ عَلَى اللهِ وَعَلَيْكَ ، فَقَالَ لَهُ (٢) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « عَمَّا ذَا سَأَلَكَ؟ » فَقَالَ : قَالَ (٣) لِي : كَيْتَ (٤) وَكَيْتَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « يَا هِشَامُ ، كَمْ حَوَاسُّكَ؟ » قَالَ : خَمْسٌ ، قَالَ : « أَيُّهَا أَصْغَرُ؟ » قَالَ : النَّاظِرُ (٥) ، قَالَ : « وَكَمْ قَدْرُ النَّاظِرِ؟ » قَالَ : مِثْلُ الْعَدَسَةِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا ، فَقَالَ لَهُ : « يَا هِشَامُ ، فَانْظُرْ أَمَامَكَ وَفَوْقَكَ وَأَخْبِرْنِي بِمَا تَرى » فَقَالَ : أَرى سَمَاءً وَأَرْضاً وَدُوراً وَقُصُوراً وَبَرَارِيَ (٦) وَجِبَالاً وَأَنْهَاراً ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « إِنَّ الَّذِي قَدَرَ أَنْ يُدْخِلَ الَّذِي تَرَاهُ الْعَدَسَةَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا قَادِرٌ (٧) أَنْ يُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا الْبَيْضَةَ لَاتَصْغُرُ (٨) الدُّنْيَا وَلَا تَكْبُرُ (٩) الْبَيْضَةُ ». (١٠)
فَأَكَبَّ (١١) هِشَامٌ عَلَيْهِ (١٢) ، وَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ، وَقَالَ : حَسْبِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ،
__________________
(١) « المعوّل » : المستغاث والمستعان. يقال : عوّلتُ به وعليه ، أي استعنت. ويحتمل أن يكون المُعَوِّل أو المُعْوِلبمعنى الصارخ ، وهو الذي يرفع صوته عند البكاء. انظر : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤٨٣ ( عول ).
(٢) في « بر » : ـ « له ».
(٣) في « ج » : ـ « قال ».
(٤) في حاشية « ج » : « بتسكيت ». و « كيت وكيت » ، هي كناية عن الأمر ، نحو كذا وكذا. النهاية ، ج ٤ ، ص ٢١٦ ( كيت ).
(٥) في « بح » : « الناظرة ».
(٦) في التوحيد : « وتراباً ». و « البَراري » : جمع البريّة بمعنى الصحراء. وعند المازندراني فَتْح الراء أفصح. انظر : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٨٨ ( برر ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٤٨.
(٧) في « بح » : + « على ».
(٨) في « ج ، ض » : « لاتصغّر » بالتضعيف. وفي التوحيد « لايصغر ».
(٩) في « ض ، بف » : « لاتكبّر » بالتضعيف. وفي التوحيد : « يكبر ».
(١٠) في الوافي : « هذه مجادلة بالتي هي أحسن وجواب جدليّ مسكت يناسب فهم السائل ، وقد صدر مثله عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام ... والجواب البرهاني أن يقال : إنّ عدم تعلّق قدرته تعالى على ذلك ليس من نقصان في قدرته سبحانه ولا لقصور في عمومها وشمولها كلّ شيء ، بل إنّما ذاك من نقصان المفروض وامتناعه الذاتي وبطلانه الصرف وعدم حظّه من الشيئيّة ، كما أشار إليه أميرالمؤمنين عليهالسلام في ما رواه الصدوق أيضاً ». وللمزيد انظر شروح الكافي.
(١١) « فأكبّ عليه » أي أقبل إليه ، أو ألقى نفسه عليه. انظر : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٠٧ ( كبب ).
(١٢) في « ب » : « عليه هشام ».