أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام : إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ بِالْجَبْرِ ، وَبَعْضَهُمْ يَقُولُ بِالِاسْتِطَاعَةِ ، قَالَ : فَقَالَ عليهالسلام لِي : « اكْتُبْ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلام : قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا ابْنَ آدَمَ ، بِمَشِيئَتِي كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي تَشَاءُ (١) ، وَبِقُوَّتِي أَدَّيْتَ إِلَيَّ (٢) فَرَائِضِي ، وَبِنِعْمَتِي قَوِيتَ (٣) عَلى مَعْصِيَتِي ؛ جَعَلْتُكَ سَمِيعاً بَصِيراً (٤) ( ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) (٥) ، وَذلِكَ أَنِّي أَوْلى بِحَسَنَاتِكَ مِنْكَ (٦) ، وَأَنْتَ أَوْلى بِسَيِّئَاتِكَ مِنِّي ، وَذلِكَ (٧) أَنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٨) ، قَدْ (٩) نَظَمْتُ (١٠) لَكَ كُلَّ شَيْءٍ تُرِيدُ (١١) ». (١٢)
__________________
(١) في الكافي ، ح ٣٩٢ : + « لنفسك ماتشاء ».
(٢) في الكافي ، ح ٣٩٢ : ـ « إليّ ».
(٣) في « ض ، ف » : « قوّيت ».
(٤) في الكافي ، ح ٣٩٢ : + « قويّاً ».
(٥) النساء (٤) : ٧٩.
(٦) في « بح » : ـ « منك ».
(٧) في « بح ، بس ، بف » : ـ « وذلك ».
(٨) إشارة إلى الآية ٢٣ من سورة الأنبياء (٢١) : (لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
(٩) في حاشية « ج » : « وقد ».
(١٠) « قد نظمت » : من كلام الله تعالى ، أو من كلام الرضا عليهالسلام ، أو من كلام السجّاد عليهالسلام. انظر : الوافي ، ج ١ ، ص ٥٢٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٩٥.
(١١) قال العلاّمة الطباطبائي : « معنى الرواية مبنيّ على القدر ، وهو أنّ الإنسان إنّما يفعل ما يفعل بمشيئة وقوّة ، والله سبحانه هو الذي شاء أن يشاء الإنسان ، ولو لم يشأ لم تكن من الإنسان مشيئة ، وهو الذي ملك الإنسان قوّة من قوّته ، وأنّ القوّة للهجميعاً ، فلا استغناء للإنسان في فعله عنه تعالى ، ثمّ إنّهما نعمتان قوي الإنسان بهما على المعصية ، كما قوي على الطاعة ، ولازم ذلك أن تكون الحسنات للهوهو أولى بها ؛ لأنّ الله هو المعطي للقوّة عليها والأمر بإتيانها وفعلها ؛ وأن تكون السيّئات للإنسان وهو أولى بها دون الله ؛ لأنّه تعالى لم يعطها إلاّنعمة للحسنة ونهى عن استعمالها في السيّئة ، فاللؤم على الإنسان ، وذلك أنّه تعالى لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون ، لأنّه تعالى إنّما يفعل الجميل وهو إفاضة النعمة والهداية إلى الحسنة ، والنهي عن السيّئة ، وكلّ ذلك جميل ، ولا سؤال عن الجميل ، والإنسان إنّما يفعل الحسنة بنعمة من الله ، والسيّئة بنعمة منه ، فهو المسؤول عن النعمة التي اعطيها ما صنع بها ، ثمّ أتمّ الله الحجّة ، وأقام المحنة بأن نظم كلّ ما يريده الإنسان ، ليعلم ماذا يصير إليه حال الإنسان بفعاله ؛ وللرواية معنى آخر أدقّ ، يطلب من مظانّه ».
(١٢) قرب الإسناد ، ص ٣٥٤ ، ح ١٢٦٧ ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ؛ الكافي ،