سَبِيلَهُمْ ، وَتَرَكَهُمْ عَلى قَصْدِ (١) سَبِيلِ الْحَقِّ ، وَأَقَامَ لَهُمْ عَلِيّاً عليهالسلام عَلَماً وَإِمَاماً ، وَمَا تَرَكَ (٢) شَيْئاً يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلاَّ بَيَّنَهُ ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمْ يُكْمِلْ دِينَهُ ، فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللهِ ، وَمَنْ رَدَّ كِتَابَ اللهِ ، فَهُوَ كَافِرٌ بِهِ (٣).
هَلْ يَعْرِفُونَ (٤) قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَمَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ ؛ فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ؟ إِنَّ الْإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً ، وَأَعْظَمُ شَأْناً ، وَأَعْلى مَكَاناً ، وَأَمْنَعُ جَانِباً ، وَأَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ ، أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ ، أَوْ يُقِيمُوا (٥) إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ.
إِنَّ الْإِمَامَةَ (٦) خَصَّ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عليهالسلام بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَالْخُلَّةِ مَرْتَبَةً ثَالِثَةً ، وَفَضِيلَةً شَرَّفَهُ بِهَا ، وَأَشَادَ (٧) بِهَا (٨) ذِكْرَهُ ، فَقَالَ : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً ) فَقَالَ الْخَلِيلُ عليهالسلام سُرُوراً بِهَا (٩) : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) قَالَ اللهُ (١٠) تَبَارَكَ وَتَعَالى : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) (١١) فَأَبْطَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَصَارَتْ (١٢) فِي الصَّفْوَةِ (١٣).
__________________
(١) في مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٣٧٩ : « القصد : الوسط بين الطرفين. وإضافته إلى السبيل وإضافة السبيل إلى الحقّبيانيّتان ، وتحتملان اللاميّة ».
(٢) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والغيبة والأمالي والعيون وكمال الدين والمعاني وتحف العقول. وفي المطبوع : + « [ لهم ] ».
(٣) في « ض ، ف » والأمالي والعيون وكمال الدين والمعاني : ـ « به ».
(٤) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بس ، بف » وكمال الدين والمعانى : « تعرفون ».
(٥) في « ض » : « يقولوا ».
(٦) في الغيبة : + « منزلة ».
(٧) في الأمالي : « فأشار ».
(٨) يقال : أشاده وأشاد به ، إذا أشاعه ورفع ذكره ، من أشَدْتُ البُنيان فهو مُشادٍ ، وشيّدته إذا طوّلته ، فاستعير لرفع صوتك بما يكرهه صاحبك. النهاية ، ج ٢ ، ص ٥١٧ ( شيد ).
(٩) في مرآة العقول : « سروراً بها ، مفعول له لقال ».
(١٠) في « ف » وتحف العقول : ـ « الله ».
(١١) البقرة (٢) : ١٢٤.
(١٢) في معاني الأخبار : « فصارت ».
(١٣) في مرآة العقول : « الصفوة ، مثلّثة ، أي أهل الطهارة والعصمة ، من صفا الجوّ إذا لم يكن فيه غيم ، أو أهل الاصطفاء والاختيار الذين اختارهم الله من بين عباده لذلك ؛ لعصمتهم وفضلهم وشرفهم ». وانظر : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٠٨ ( صفو ).