ثُمَّ أَكْرَمَهُ اللهُ تَعَالى بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ أَهْلِ الصَّفْوَةِ وَالطَّهَارَةِ ، فَقَالَ : ( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ ) (١).
فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ ، يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً (٢) فَقَرْناً حَتّى وَرَّثَهَا اللهُ تَعَالَى النَّبِيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَقَالَ جَلَّ وَتَعَالى : ( إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) فَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً ، فَقَلَّدَهَا (٤) صلىاللهعليهوآلهوسلم عَلِيّاً عليهالسلام بِأَمْرِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ (٥) عَلى رَسْمِ (٦) مَا فَرَضَ اللهُ ، فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللهُ (٧) الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالى (٨) : ( وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ ) (٩) فَهِيَ فِي وُلْدِ عَلِيٍّ عليهالسلام خَاصَّةً إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛ إِذْ لَانَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ (١٠) هؤُلَاءِ الْجُهَّالُ؟
إِنَّ الْإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ (١١) الْأَنْبِيَاءِ وَإِرْثُ (١٢) الْأَوْصِيَاءِ ، إِنَّ الْإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللهِ وَخِلَافَةُ الرَّسُولِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَمَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام ، وَمِيرَاثُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (١٣) عليهماالسلام.
__________________
(١) الأنبياء (٢١) : ٧٢ ـ ٧٣.
(٢) راجع في تفسيره ما تقدّم ذيل ح ٥٠٠.
(٣) آل عمران (٣) : ٦٨.
(٤) يقال : قلّدتُها قِلادةً ، أي جعلتها في عنقها ، ومنه تقليد الولاة الأعمال. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٥٢ ( قلد ).
(٥) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف ». وفي المطبوع وسائر النسخ : ـ « عزّ وجلّ ».
(٦) في مرآة العقول : « الرسم : السنّة والطريقة ».
(٧) في « ب » : ـ « الله ».
(٨) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » : « جلّ وعلا ».
(٩) الروم (٣٠) : ٥٦.
(١٠) في شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٤١ : « الفعل إمّا مجهول ، والجهّال صفة لهؤلاء ، أو بدل. وإمّا معلوم ، والجهّال مفعول على الظاهر ، أو صفة ، أو بدل على الاحتمال ».
(١١) في « ف » : + « النبوّة و ».
(١٢) « الإرث » : مصدر ، وأصله الوِرْث ، فقُلبت الواو همزةً. وكثيراً مايطلق على الشيء الموروث ، كما في هذا المقام. انظر : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ١١١ ـ ١١٢ ( أرث ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٤٢ ؛ مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٣٨٣.
(١٣) في « ف » : + « بن عليّ ».