مَا رَأَيْتُهَا (١) غَيْرَ (٢) سَاعَتِي تِلْكَ ـ يَعْنِي الْأَبْرَقَةَ ـ فَجِيءَ بِشِقَّةٍ كَادَتْ تَخْطَفُ (٣) الْأَبْصَارَ ، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَبْرُقِ الْجَنَّةِ ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي بِهَا ، وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، اجْعَلْهَا فِي حَلْقَةِ الدِّرْعِ ، وَاسْتَذْفِرْ (٤) بِهَا مَكَانَ الْمِنْطَقَةِ.
ثُمَّ دَعَا بِزَوْجَيْ نِعَالٍ (٥) عَرَبِيَّيْنِ جَمِيعاً : أَحَدُهُمَا مَخْصُوفٌ (٦) ، وَالْآخَرُ غَيْرُ مَخْصُوفٍ ، وَالْقَمِيصَيْنِ : الْقَمِيصِ الَّذِي أُسْرِيَ بِهِ فِيهِ ، وَالْقَمِيصِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ (٧) يَوْمَ أُحُدٍ ، وَالْقَلَانِسِ الثَّلَاثِ : قَلَنْسُوَةِ السَّفَرِ ، وَقَلَنْسُوَةِ الْعِيدَيْنِ وَالْجُمَعِ ، وَقَلَنْسُوَةٍ كَانَ يَلْبَسُهَا وَيَقْعُدُ مَعَ أَصْحَابِهِ.
__________________
والقضب القطع ، وقد يطلق على السيف الدقيق أيضاً ». راجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦٧٨ ( قطع ).
(١) في الوافي : « وفي الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : فجيء بشقّة فوالله ما رأيتها ».
(٢) في « ب ، ج ، بف ، بر » وحاشية « ض ، ف ، بح » والوافي والعلل : « قبل ».
(٣) « الخَطْف » : استلاب الشيء وأخذه بسرعة ، يقال : خَطِفَ الشيءَ يَخْطَفُهُ ، واختطفه يختطفه. ويقال : خَطَفَ يَخْطِفُ ، وهو قليل. النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٩ ( خطف ).
(٤) هكذا في « ج ، ض ، بر ، بف » وحاشية « ف » وشرح المازندراني. وفي اللغة : استذفر بالأمر : اشتدّ عزمه عليه وصَلُبَ له. وفي الوافي « الاستذفار : شدّ الوسط بالمنطقة ونحوها » وقال العلاّمة المجلسي : « ... ففي القاموس : الذَفَر ، محرّكة : شدّة ذَكاء الريح ، كالذَفَرة ، ومسك أذفر. ففيه تضمين معنى الشدّ ، مع الإشارة إلى طيب رائحتها ؛ فصار الحاصل : تطيّبْ بها جاعلاً لها مكان المنطقة ، أو يكون « مكان المنطقة » متعلّقاً بـ « اجعلها ». وقيل : الاستذفار : جعل الشيء صلباً شديداً ، في القاموس : الذِفِرُّ ، كطِمِرّ : الصلب الشديد. ولايخفى ما فيه ». وفي « ف » : « استدفن ». وفي المطبوع : « استدفر ». وفي العلل : « استوفر ». وقوله « استدفر » ، من الدَفْر بمعنى الدفع ، أو منِ الدَفَر ، وهو وقوع الدود في الطعام واللحم ، وهو أيضاً النَتْن خاصّة ولا يكون الطيب البتّة. وليس شيء منها بمناسب هاهنا فلذا قال المجلسي في مرآة العقول : « لعلّه كان : واستثفر بها ، واريد به الشدّ على الوسط ». قال ابن الأثير في النهاية ، ج ١ ، ص ٢١٤ ( ثفر ) : « هو مأخوذ من ثَفَر الدابّة الذي يُجعَل تحت ذَنَبها. وفي صفة الجنّ : مستثفرين ثيابَهم ، وهو أن يُدخل الرجلُ ثوبه بين رجليه ، كما يفعل الكلب بذنبه ». وراجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٨٩ ( دفر ) ؛ وص ٣٠٧ ؛ والقاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٥٩ ( ذفر ).
(٥) في « ف » : + « له ».
(٦) « مَخْصُوف » ، أي مخروز ، يقال : خَصَفَ النعلَ يَخْصِفُها خَصْفاً ، أي ظاهَرَ بعضَها على بعض وخَرَزَها ، أي ثَقبها بالمِخْرز وخاطه. راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٧١ ( خصف ).
(٧) في « ف » : « به ».