سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام يَقُولُ لِبَعْضِ أَصْحَابِ قَيْسٍ الْمَاصِرِ (١) : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَدَّبَ (٢) نَبِيَّهُ ، فَأَحْسَنَ أَدَبَهُ ، فَلَمَّا (٣) أَكْمَلَ لَهُ الْأَدَبَ ، قَالَ : ( إِنَّكَ (٤) لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٥) ، ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ أَمْرَ الدِّينِ وَالْأُمَّةِ لِيَسُوسَ عِبَادَهُ (٦) ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم كَانَ مُسَدَّداً (٧) مُوَفَّقاً ، مُؤَيَّداً بِرُوحِ الْقُدُسِ ، لَا يَزِلُّ وَلَايُخْطِئُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَسُوسُ بِهِ الْخَلْقَ ، فَتَأَدَّبَ بِآدَابِ اللهِ.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَرَضَ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ ، فَأَضَافَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، وَإِلَى الْمَغْرِبِ رَكْعَةً ، فَصَارَتْ عَدِيلَ (٨) الْفَرِيضَةِ ، لَا يَجُوزُ تَرْكُهُنَّ إِلاَّ فِي السَّفَرِ (٩) ، وَأَفْرَدَ الرَّكْعَةَ فِي الْمَغْرِبِ فَتَرَكَهَا قَائِمَةً فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ ، فَأَجَازَ اللهُ لَهُ ذلِكَ كُلَّهُ ، فَصَارَتِ الْفَرِيضَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
ثُمَّ سَنَّ (١٠) رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم النَّوَافِلَ أَرْبَعاً وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً مِثْلَيِ الْفَرِيضَةِ ، فَأَجَازَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَهُ ذلِكَ ، وَالْفَرِيضَةُ وَالنَّافِلَةُ إِحْدى وَخَمْسُونَ رَكْعَةً ، مِنْهَا رَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَتَمَةِ (١١)
__________________
(١) « قيس الماصر » من المتكلّمين ، تعلّم الكلام من عليّ بن الحسين عليهماالسلام وصحب الصادق عليهالسلام ، وهو من أصحابمجلس الشامي. الوافي ، ج ٣ ، ص ٦١٧.
(٢) تقدّم معنى التأديب ذيل الحديث ١ من هذا الباب.
(٣) في « ف » : + « أن ».
(٤) في « ف » والبحار : « إِنَّكَ ».
(٥) القلم (٦٨) : ٤.
(٦) « ليَسوس عباده » ، أي يتولّى أمرهم ويقوم عليه بما يُصْلِحُه ، من السياسة بمعنى تولّي الامور والقيام على الشيء بما يُصْلِحُه. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ١٠٨ ( سوس ).
(٧) « مُسَدَّداً » ، قال الجوهري : التسديد : التوفيق للسداد ، وهو الصواب والقصد من القول والعمل ، ورجلمُسَدَّد ، إذا كان يعمل بالسداد والقصد. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٨٥ ( سدد ).
(٨) في البحار « عديلة » وهو الأنسب.
(٩) هكذا في « ج ، ف » وهو الأنسب. وفي المطبوع وباقي النسخ : « سفر ».
(١٠) « سَنَّ » ، أي بيّن ، يقال : سنّ الله تعالى سنّةً للناس : بيّنها ، وسنّ الله تعالى سنّةً ، أي بيّن طريقاً قويماً. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢٢٥ ( سنن ).
(١١) قال الخليل : « العَتَمَة : الثلث الأوّل من الليل بعد غيبوبة الشَفَق. أعتم القوم ، إذا صاروا في ذلك الوقت ؛