السُّنَنُ (١) ، وَمُزِّقَ (٢) الْكِتَابُ ، وَهُدِّمَتِ (٣) الْكَعْبَةُ ، وَخُضِبَتْ (٤) لِحْيَتِي مِنْ رَأْسِي بِدَمٍ عَبِيطٍ صَابِراً مُحْتَسِباً (٥) أَبَداً حَتّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ.
ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ ، وَأَعْلَمَهُمْ مِثْلَ مَا أَعْلَمَ (٦) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِ ، فَخُتِمَتِ الْوَصِيَّةُ بِخَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ لَمْ تَمَسَّهُ (٧) النَّارُ ، وَدُفِعَتْ إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام ».
فَقُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليهالسلام : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَلَا (٨) تَذْكُرُ مَا كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ؟
فَقَالَ : « سُنَنُ اللهِ وَسُنَنُ رَسُولِهِ ».
فَقُلْتُ : أَكَانَ فِي الْوَصِيَّةِ تَوَثُّبُهُمْ (٩) وَخِلَافُهُمْ عَلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام؟
فَقَالَ : « نَعَمْ وَاللهِ ، شَيْئاً شَيْئاً ، وَحَرْفاً حَرْفاً (١٠) ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :
__________________
(١) في الوافي ، ج ١ ، ص ٣٠٢ : « السنّة في الأصل الطريقة ، ثمّ خُصَّت بطريقة الحقّ التي وضعها الله للناس وجاءبها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ ليتقرّبوا بها إلى الله عزّ وجلّ ، ويدخل فيها كلّ عمل شرعيّ واعتقاد حقّ ، وتقابلها البدعة ». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٩ ( سنن ).
(٢) « مُزِّق » ، أي خُرِقَ. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٥٤ ( مزق ).
(٣) في « ب ، ج ، ف » : « هُدِمت » بالتخفيف. قال ابن منظور : « الهَدْمُ : نقيض البِناء ، هَدَمَهُ يَهْدِمُه هَدْماً وهَدَّمَهُ فانهدم وتهدّم وهدّموا بيوتَهم ، شُدّد للكثرة ». لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٦٠٣ ( هدم ).
(٤) في « بح » : « خضبني ».
(٥) « مُحْتَسِباً » ، أي طالباً لوجه الله تعالى وثوابه. قال ابن الأثير : « فالاحتساب من الحسَب ، كالاعتداد من العَدّ. وإنّما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله : احتسبه ؛ لأنّ له حينئذٍ أن يعتدّ عمله ، فجُعل في حال مباشرة الفعل كأنّه معتدّبه. والاحتساب في الأعمال الصالحة. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٣٨٢ ( حسب ).
(٦) في « بح » : « أعلمه ».
(٧) في حاشية « ف » : « لم تمسّها ». وفي الوافي : « لم تمسّه النار ؛ وذلك لأنّه كان من عالم الأمر والملكوت منزّهاًعن موادّ العناصر وتراكيبها ».
(٨) في مرآة العقول : « ألا تذكر ، بهمزة الاستفهام ، ولاء النافية للعرض. ما كان ، « ما » استفهاميّة أو موصولة ».
(٩) في حاشية « ج » : « توفيهم ». و « التوثّب » : الاستيلاء على الشيء ظلماً. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٣١ ( وثب ).
(١٠) في البحار ، ج ٢٢ : « شيء بشيء ، وحرف بحرف ».