حَيَاةً (١) لِلْأَنَامِ ، وَمَصَابِيحَ لِلظَّلَامِ ، وَمَفَاتِيحَ لِلْكَلَامِ ، وَدَعَائِمَ (٢) لِلْإِسْلَامِ. وَجَعَلَ نِظَامَ طَاعَتِهِ وَتَمَامَ فَرْضِهِ التَّسْلِيمَ لَهُمْ فِيمَا عُلِمَ ، وَالرَّدَّ إِلَيْهِمْ فِيمَا جُهِلَ ، وَحَظُرَ (٣) عَلى غَيْرِهِمُ التَّهَجُّمَ (٤) عَلَى الْقَوْلِ بِمَا يَجْهَلُونَ ، وَمَنَعَهُمْ جَحْدَ مَا لَايَعْلَمُونَ ؛ لِمَا (٥) أَرَادَ (٦) ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ مِنِ اسْتِنْقَاذِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ مُلِمَّاتِ (٧) الظُّلَمِ ، وَمَغْشِيَّاتِ (٨) الْبُهَمِ (٩). وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَخْيَارِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً.
أَمَّا بَعْدُ ، فَقَد فَهِمْتُ يَا أَخِي مَا شَكَوْتَ مِنِ اصْطِلَاحِ (١٠) أَهْلِ دَهْرِنَا عَلَى الْجَهَالَةِ (١١) ، وَتَوَازُرِهِمْ وَسَعْيِهِمْ فِي عِمَارَةِ طُرُقِهَا ، وَمُبَايَنَتِهِمُ الْعِلْمَ وَأَهْلَهُ ، حَتّى كَادَ الْعِلْمُ مَعَهُمْ أَنْ
__________________
(١) في حاشية « ألف » : « حماة ».
(٢) في حاشية « ج » : « دعائماً ». وقد مرّت الإشارة إلى أنّ التنوين هنا للتنكير ، كما ذكر صاحب الرواشح فيها ، ص ٥٠ ، وفي تعليقته على الكافي ، ص ٨.
(٣) في « بف » : « حظّر » بالتشديد.
(٤) « التهجّم » : تفعّل من الهجوم ، وهو الإتيان بغتةً والدخول من غير استيذان ؛ يعني حرم على غيرهم الدخولفي الأمر بَغتة من غير رَوِيَّة وملاحظة. وقال السيّد الداماد : « وفي بعض النسخ بالعين مكان الهاء من العُجْمة ـ بالضمّ والتسكين ـ وهي اللُكنة في اللسان ، وعدم القدرة على الكلام ، وعدم الإفصاح بالعربيّة ». راجع : المغرب ، ص ٥٠٠ ، القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٣٧ ( هجم ) ؛ الرواشح ، ص ٥٣.
(٥) في « ج » : « لَمّا ». أي يمكن أن تقرأ « لَمّا » أو « لِما ».
(٦) في « بس » : + « الله ».
(٧) « الملمّات » جمع الملمّة بمعنى النازلة الشديدة من شدائد الدهر ونوازل الدنيا ، من الإلمام بمعنى النزول ، يقال : قد ألمّ به ، أي نزل به. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٣٢ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٥٠. ( لمم ).
(٨) هكذا في « ج ، ف ، بح ، بر ، بف ، بل ، بو ، جح ، جل ، جم » وظاهر مرآة العقول والمطبوع. وفي « بس » : « مغيّبات ». وفي « ب ، ض ، يد » : « مُغَشَّيات » أي اسم المفعول من التفعيل ، كما هو الاحتمال الآخر في المرآة. وظاهر شرحي الصدر الشيرازي والمازندراني : « مُغْشِيات » وهو اسم فاعل من باب الإفعال.
(٩) « البُهَم » ـ كصرد ـ جمع بُهمة ـ بالضمّ ـ وهو الأمر الذي لا يُهتدى لوجهه ، أو كلام مبهم لا يعرف له وجه يؤتى منه ، أي الأُمور المشكلة التي خفي على الناس ما هو الحقّ فيها وستر عنهم ، والمراد بها الفتن ، كما هو ظاهر الشروح وتساعده اللغة. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ١٦٨ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٧ ( بهم ).
(١٠) في حاشية « بح » : « إصلاح ».
(١١) اصطلاحهم على الجهالة : تصالحهم وتراضيهم وتوافق آرائهم عليها ، ومحبّتهم لأهلها ، واجتماع كلمتهم فيها ، واستحسانهم إيّاها. راجع : شرح المازندراني ، ج ١ ، ص ٣٧ ؛ مرآة العقول ، ج ١ ، ص ١٥.