بتكذيبهم إيّاك. وقد ذكر سبحانه ستة أصناف من المكذّبين أوّلهم قوم نوح فأهلكهم الله بالغرق والطوفان ، والثاني عاد قوم هود عليهالسلام لمّا كذّبوه أهلكهم الله بالرّيح العقيم ، سمّيت به لأنها ما خرجت ولا تخرج بعد ذلك أبدا وكانت ريح عذاب شديد. والثالث فرعون لمّا كذّب موسى عليهالسلام أهلكه الله بالغرق مع قومه. والرابع ثمود قوم صالح لمّا كذّبوه أهلكوا بالصّيحة. والخامس قوم لوط حيث كذّبوه فأهلكوا بالخسف. والسادس أصحاب الأيكة وهم قوم شعيب فأهلكوا بعد تكذيبه بعذاب يوم الظّلة (وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) في العلل عن الصّادق عليهالسلام أنه سئل عن قوله تعالى وفرعون ذو الأوتاد ، لأيّ شيء سمّي ذا الأوتاد؟ فقال : لأنه كان إذا عذّب رجلا بسطه على الأرض على وجهه ومدّ يديه ورجليه فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض ، وربما بسطه على خشب منبسط فوتّد رجليه ويديه بأربعة أوتاد ثم تركه على حاله حتى يموت. فسمّاه الله عزوجل فرعون ذا الأوتاد. وعن ابن عباس أنه كانت له ملاعب من أوتاد يلعب بها.
١٣ ـ (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ ...) قد فسّرت في ضمن ما قبلها من الآية (١٢) (أُولئِكَ الْأَحْزابُ) أي المتحزّبين على الرّسل الذين جعل سبحانه صفتهم أنهم الجند المهزوم ، أي وقومك منهم. والحاصل أن هؤلاء الأحزاب مع غاية قوّتهم وكثرتهم صارت عاقبة أمرهم الهلاك والبوار ، فكيف بهؤلاء الضّعفاء من قومك فلا تبتئس بما كانوا يعملون فعمّا قريب يهلكون.
١٤ ـ (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ ...) مبالغة في وصفهم بتكذيب الرّسل ومخالفتهم إيّاهم كأنهم لا شغل لهم إلا هذا العمل الشنيع ، فلذا سجّل عليهم العذاب. والتفريع بالفاء إشارة إلى عدم التراخي لأنها موضوعة له (فَحَقَّ عِقابِ) أي فوجب لذلك عقابي لهم.