خَصْمانِ) أي نحن فريقان متخاصمان جئنا لتقضي بيننا (بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ) أي لا تجر في الحكومة ولا تجاوز الحق. وقولهم (بَغى بَعْضُنا) ، الآية على طريق الفرض وقصد التعريض وإلّا يلزم كذب الملائكة ، وهذا مناف لعصمتهم (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) أي وسطه ، والمراد طريق العدل.
٢٣ ـ (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ...) النعجة هي الأنثى من الضّأن ، وقد يكنّى بها عن المرأة ، ولعلّ هذا المثل تعريض بالزّوجات ، وترك التّصريح لكونه أبلغ في التوبيخ ، مضافا إلى أن مراعاة حسن الآداب والحفاظ على احترام المكنّى عنها واستقباح ذكرها مقتض لتلك التكنية ، والحاصل أنّ المدعي بيّن ادّعاءه هذا وأشار إلى خصمه وأطلق عليه لفظ (أَخِي) بلحاظ الدّين أو الصداقة ، وبين له أنه شاركه في الخلطة وله تسع وتسعون نعجة (وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) أي لا أملك إلا هذه النّعجة المفردة (فَقالَ أَكْفِلْنِيها) أي اجعلها في كفالتي وتحت يدي وتصرّفي والحاصل أنه (عَزَّنِي فِي الْخِطابِ) أي غلبني وأعجزني في القول والمخاطبة وأنا عاجز من مقاولته والجدال معه والحجاج.
٢٤ ـ (قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ ...) أي : إن كان الأمر على ما تدّعيه ، فقد ظلمك بضمّ نعجتك إلى نعاجه. يعني أنّ الحق معك وليس له الحق عليك ، وبعد بيان حكم الدّعوى أخذ في الموعظة الحسنة بترغيب الخصمين في إيثار الشريك كما هي عادة الصّلحاء وتزهيدهما بما هو من عادة الخلطاء الطّلحاء فقال عليهالسلام : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ) أي الشركاء الذين يخلطون أموالهم (لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي يظلمون ويطلبون زائدا على حقّهم (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ) أي أن المؤمنين المنصفين هم الأقليّة في جميع الأعصار وقلّتهم دليل على حقانيّتهم كما لا يخفى. و (ما) مزيدة لتأكيد