١٥ ـ (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) ... أي لا مزيّة لكم علينا تقتضي اختصاصكم بالرّسالة إلينا (وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ) من وحي ورسالة (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) أي ما أنتم إلّا كاذبون في دعواكم ، فقد اعتقدوا أن من كان مثلهم في لباس البشرية لا يصلح أن يكون رسولا ، ولم يعلموا أن الله عزّ اسمه يختار من يشاء لرسالته سواء كان آدميّا أو غيره.
١٦ ـ (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) ... انما قال الرّسل ذلك بعد ما قامت الحجة بظهور المعجزة كإبراء الأكمه والأبرص وشفاء الأعمى وإحياء الموتى كابن الملك وغيره كما قرّر في محلّه ولم يقبلوها ، ووجه الاحتجاج بهذا القول أنّهم ألزموهم بذلك النظر في معجزاتهم ليعلموا أنهم صادقون على الله. ففي ذلك القول تحذير شديد لأن قولهم أنّ الله (يَعْلَمُ) هذا استشهاد بعلمه تعالى وهو يجري مجرى القسم وإشارة إلى أنّهم بمجرد التكذيب لم يسأموا ولم يتركوا ادّعاءهم بل عادوا وكرّروا القول عليهم وأكّدوه بلام التأكيد واستشهدوا بعلم الله في رسالتهم كما قلنا آنفا.
١٧ ـ (وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ... أي ليس يلزمنا إلّا أداء الرّسالة والتّبليغ الظاهر ولا نقدر أن نحملكم على الإيمان ونرغمكم عليه.
١٨ ـ (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) ... أي هؤلاء الكفرة قالوا في جواب الرّسل حين عجزوا عن إيراد جواب يقنعهم ، ولا أقلّ من إيقاع الرّسل في الشّبهة وعدلوا عن النظر في المعجزة فقالوا : نحن تشأّمنا بكم فإنكم من يوم جئتمونا ، انقطع المطر وجفّت مياهنا ويبست مزارعنا وأشجارنا (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا) عن مقالتكم من دعوى الرّسالة (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) أي لنهلكنكم بالحجارة (وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) يحتمل أن تكون هذه الجملة بيانا لقولهم لنرجمنّكم ، ولذلك أجابهم الرّسل بقولهم :