لحثّ المؤمنين بل مطلق البشر على متابعة القرآن فقال عزّ من قائل :
٢٩ ـ (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ ...) أي هذا كتاب نفّاع ذو خير كثير (لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) يتأمّلوها ويتفكّر الناس فيها فيتّعظوا بمواعظه وينتصحوا بنصائحه. قالت المعتزلة : دلّت الشريفة على أنه إنّما أنزل هذا القرآن لأجل الخير والرحمة والهداية ، فيلزم أن تكون أفعال الله معلّلة برعاية المصالح ، وأنّه تعالى أراد الإيمان والخير والطاعة من الكلّ ، خلافا لمن قال إنه أراد الكفر من الكافر والشكر من الشاكر والشّرك من المشرك (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي ذوو العقول الصافية والأفهام الثاقبة. وفي القمّي عن الصّادق عليهالسلام : ليتدبّروا آياته : هم أمير المؤمنين والأئمة عليهمالسلام فهم أولو الألباب. قال : وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يفتخر بها ويقول ما أعطى أحد قبلي ولا بعدي مثل ما أعطيت.
* * *
(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣))
٣٠ ـ (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ ...) أي أعطيناه إيّاه. والتعبير بالهبة هو إعطاء المال بلا عوض. وقد رمز إلى أنه تعالى إذا أعطى أنبياءه ورسله أولادا ذكورا وجعلهم خلفاءهم في أرضه وسفراءه بينهم ، فلهم معه تعالى خصوصيّة وربط تام ، ومع هذا لا يريد منهم جزاء ولا شكورا فمن غيرهم