العظيمة وبرهان قاطع على وجود خالق العالم ، وحجة على الصّانع القدير ، فلذا استجاب الله دعاءه بأكمل ما أراد وأتمّ ما شاء. ولمّا كان إعطاء الملك بهذه الكيفية من العظمة منحصرا به تعالى ، أكّده بقوله (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) أي المعطي بكرم وبلا عوض.
٣٦ ـ (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ ...) من كمال قدرتنا أنّنا سخّرنا لنبيّنا الريح ، أي ذلّلناها لطاعته إجابة لدعوته (تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً) بيان لتسخيره له الرّيح وتذليلها لطاعته ، أي ليّنة في وقت ، وعاصفة في آخر ، بلا تزعزع وتخوّف ، بل طيبة سريعة وفي عين تلك الحالة مطيعة مريحة (حَيْثُ أَصابَ) أي في كلّ مكان وزمان أراد.
٣٧ ـ (وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ...) عطف على الريح ، أي سخّرنا له الشياطين الذين لهم صناعة البناء والغوص ، فهم الذين يستفاد منهم فيبنون له في البرّ ما أراده عليهالسلام من الأبنية الرفيعة بأيّ كيفية أراد كغمدان وبيت المقدس وغيرهما من الأبنية ويغوصون في البحر ويستخرجون منه ما شاء من اللّآلي والجواهر.
٣٨ ـ (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ ...) أي مكبّلين ومشدودين في الأغلال ليكفّوا عن الشّر وقال القمّي : هم الذين عصوا سليمان حين سلبه الله ملكه على ما ذكر في بعض كتب التفاسير من قصّته تلك.
٣٩ ـ (هذا عَطاؤُنا ...) أي هذا الذي أعطيناك من الملك والسلطان والبسطة التي ما أعطيناها أحدا قبلك ولا تعطى لأحد من بعدك هي منّة منّا عليك (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) أي أعط منه من شئت وامنع عمّن شئت ، فاختياره بيدك وأنت مفوّض فيما شئت من الصرف (بِغَيْرِ حِسابٍ) غير محاسب عليه. هذا بالنسبة إلى الدّنيا ، وأمّا العقبى فهو ما أخبر عنه الله تعالى بقوله :