بالإحسان إليهم وإعانتهم ، فإن أكثر النّعم الظاهرية تجري على الأيادي ولذلك عبّر عنها بهذا التعبير. ويمكن أن يراد بها النّعم المعنويّة التي هي أعمّ من ذلك كالدّعوة إلى الدين وإلى التوحيد وسائر المعارف المفيدة والأبصار : جمع البصر وهو العقل والبصيرة.
٤٦ ـ (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ...) أي جعلناهم خالصين لنا ومنزّهين من كل دنس وعيب بخصلة خالصة لا شوب فيها وهي (ذِكْرَى الدَّارِ) أي تذكّرهم للآخرة دائما وهي مبني الخلوص في الطّاعة حيث إن مطمح نظر الأنبياء والمخلصين ليس إلّا جوار الله والفوز في دار العقبى وإطلاق الدار يشعر بأن الآخرة هي الدار الحقيقيّة والدنيا معبر لها.
٤٧ ـ (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ ...) أي المختارين بنعمة النبوّة وتحمّل أعباء الخلافة والرسالة وقرب مقام القدس الرّبوبي الشامخ الذي لا يتيسّر لأحد غيرهم عليهمالسلام (الْأَخْيارِ) جمع خيّر أو خير مخفّفة كأموات جمع ميّت أو ميت وهو الذي يفعل الأفعال الكثيرة الحسنة واحتج العلماء بهذه الآية لإثبات العصمة للأنبياء ، بيان ذلك أنه تعالى حكم عليهم بكونهم أخيارا على الإطلاق ، وهو يعمّ حصول الخيرية في جميع الأفعال والصّفات ، ولا نعني ولا ندري معنى للعصمة إلّا هذا كما بيّن في محلّه.
٤٨ ـ (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ...) أي اذكر لأمّتك هؤلاء الكرام من المذكورين أيضا ليقتدوا بهم ويسلكوا سبيلهم ، وهم قوم آخرون من الأنبياء العظام تحمّلوا المشاق والشدائد في طريق الدعوة إلى التوحيد والهداية إلى دين الله. وفصل ذكر إسماعيل عن ذكر أبيه وأخيه للإشعار بعراقته في الصّبر. ولعلّ وجه عدم اقترانه بأخيه رمز إلى تقدّمه وعلوّ رتبته من حيث إنّ أخاه ابن حرّة وإسماعيل ابن أمة والله أعلم. واليسع قيل هو ابن أخطوب استخلفه إلياس على بني إسرائيل ثم تخلّع بخلعة النبوّة وتشرف بالتلبّس بلباس الرّسالة وأمّا ذو الكفل فهو ابن عم اليسع وكان قد