صلواته عليه ، وصرّح بأنه تعالى هو المنزل حيث أضافه إليه جلّ وعلا ، لأنّ قريشا يقولون وينشرون في الناس في الموسم وغيره بأن هذا القرآن ليس كتابا سماويّا بل هو من عند غيره سبحانه ، وكان غرضهم إبطال تحدّيه بأني رسول الله إليكم ومعجزتي كتابي الذي أنزله عليّ ربّي عزوجل ، فيريد الله سبحانه أن يردّهم ويبطل دعواهم ، فإذا كان من عنده تعالى فيكون حقّا كما صرّح بذلك هو سبحانه بقوله : (بِالْحَقِ) أي متلبّسا به (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) حال كونك مخلصا له عبادتك من الشّرك والأغراض الدنيويّة. وظاهر الخطاب متوجّه إليه صلوات الله عليه وآله ، لكنه معلوم أن المراد أمّته الذين كانوا عكّفا على الأصنام عبّادا لها لا يرون إلها غيرها تبعا لآبائهم حيث وجدوهم كذلك.
* * *
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣))
٣ ـ (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ ...) أي اعلموا أنّ الدّين الخالص من شوائب الأوهام هو منحصر بدين الإسلام ، وهو دين الله لأنّه المتفرّد بصفات الألوهيّة متوحّد في مقام الربوبيّة والاطّلاع على الأسرار والضّمائر فينبغي أن تكون عبادته خالصة من شوب الرياء ولوث الشّرك. وقيل المراد من الدّين الخالص هو كلمة التوحيد ، وقيل هو الاعتقاد بالأمور الواجبة