خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧))
٤ ـ (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ...) أي كما زعموا ونسبوا إليه شركاء من الملائكة كبني مليح الذين قالوا إن الملائكة بنات الله ، وكالنّصارى الذين قالوا إن المسيح ابن الله ، وكاليهود فإنّهم قالوا عزيز ابن الله ، أي فقد كذبوا فيما زعموه لأنه لو شاء (لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) أي لاختار من خلقه هو سبحانه وفق رأيه ومشيئته لا أنه يخلّي أمر الاصطفاء بيد غيره حتى يختاروا له هم حسب مشيئتهم فيما يختارون (سُبْحانَهُ) أي منزّه عمّا يقول الظّالمون من اتّخاذه الولد والشّريك والصّاحبة (هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) فإن الألوهيّة التي تخصّه مستلزمة للوحدة الذاتيّة وهي تنافي المماثلة والمشابهة بما سواه لأنّ كلّ واحد من المثلين مركّب من حقيقة مشتركة بينهما ، والتركيب ينافي الوحدة الذاتيّة كما برهن في محلّة عند أهله. وإذا كانت الوحدة تنافي المماثلة والمشابهة فهي تنافي التوالد والتّناسل بلا شبهة ولا ريب والحاصل ليس له في الأشياء مثل ولا شبيه وهو تعالى (الْقَهَّارُ) غالب على الأشياء بجميع مراتبها ومستغن عن كلّ شيء ،