٨ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ ...) أي ما يعتريه من مرض وشدّة وقحط وغيرها من أنواع الضرّ ، يدعو الله تعالى لكشفه (مُنِيباً إِلَيْهِ) أي راجعا إليه سبحانه وحده لا يرجو سواه ، فيكون الإنسان في حال الشّدة موحّدا. (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً) أي أعطاه مطلوبه وكشف ضرّه (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) أي ينسى ضرّه وابتلاءه الذي كاد أن ينتحر فيه ويختنق به قبيل نيل هذه النعمة التي وجدها بالفعل فنسيه ونسي ربه الذي كان منيبا إليه صباحا ومساء لدفع الضّر ورفعه ، ورجع إلى معاصيه وعبادته الأصنام عاكفا على شركه ناسيا لتوحيده (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) أي شركاء (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ، قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) هذا أمر في معنى الخبر ، معناه أن مدة تمتّعك قليلة وعمّا قريب زائلة (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) وهذه الجملة تهديد وتوعيد بالنار بعد قليل في الآخرة.
٩ ـ (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ...) أي هذا الّذي ذكرناه خير أم من هو دائم على الطاعة. ففي الكلام حذف وتقدير. حذف لدلالة المقام عليه أي ليس من هو قانت كغيره من المتكبّرين عن العبادة والقنوت معلوم ، وقيل إنه يدل على قراءة القرآن وقيام اللّيل (آناءَ اللَّيْلِ) أي ساعاته (ساجِداً وَقائِماً) يسجد تارة ويقوم أخرى (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) أي جعل الآخرة في جميع حالاته نصب عينيه خوفا ولا يتوقع في أفعاله إلّا رحمة ربّه الرحيم فهو متقلّب بين الخوف والرّجاء (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) أن الصّانع العالم موجود وأن محمدا رسوله صلىاللهعليهوآله (وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) بذلك (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي بالمواعظ والتفكر في الآيات التكوينيّة والأنفسيّة. فليعلم أنّ ما ذكر في تفسير الكريمة (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ) الآية هذا بعض تأويلها : فعن الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : (آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً) قال : يعني صلاة