٣٣ ـ (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ...) أي أتى بالقرآن فإن القرآن كلام إلهيّ نزل على محمد ، صلىاللهعليهوآله وتمامه صدق وحقّ جاء النبيّ به (وَصَدَّقَ بِهِ) أي خاتم الأنبياء ومن تبعه. وعن ابن عباس ومجاهد وأبي نعيم : إن المراد (بصدق به) علي بن أبي طالب. وفي حديث ذكره المخالف والمؤالف أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : الصّديقون ثلاثة : حزبيل مؤمن آل فرعون ، وحبيب النّجار صدّيق آل يس ، وعلي بن أبي طالب صدّيق آل محمد صلوات الله عليهم (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) أي المصدّقون هم المتقون العاملون بما أمروا به والتاركون لما نهوا عنه. ثم إنه تعالى منّ عليهم بما أعدّ لهم من النّعم فقال :
٣٤ و ٣٥ ـ (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ...) من النّعم في الجنّة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي ما ينالون من جهة لطفه (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) ما ذكر من حصول ما يشاءونه بإزاء إحسانهم الذي فعلوه في الدّنيا وأعمالهم الصالحة أعطاهم الله ذلك كله من فضله (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) اللّام من صلة قوله سبحانه (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) وقيل هو لام القسم ، والتقدير : والله ليكفّرنّ ، فحذفت النّون وكسرت اللّام ، أي أسقط الله عنهم عقاب الشّرك والمعاصي التي فعلوها قبل ذلك بإيمانهم وإحسانهم ورجوعهم إلى الله سبحانه والإتيان بفعل التفضيل ليدلّ على أنّه إذا كفّر السّيّء فغيره أولى به فهو يكفّر الأسوأ بمنّه وكرمه ورحمته (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أي يعادل حسناتهم بأحسنها فيضاعف أجرها. ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما ذكر معايب آلهتهم الباطلة كانوا يخوّفونه بأنّ آلهتنا قد يضرّونك بضرر لا يجبره شيء ولا يكفيك أحد إذ قالوا نخاف أن تخبّلك آلهتنا لسبّك إيّاها ، فنزلت الآية الكريمة التالية :
٣٦ و ٣٧ ـ (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ...) أي : نعم فإنه سبحانه