وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨))
٤٥ ـ (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ...) قال ابن عباس : كان المشركون إذا سمعوا قول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) نفروا من هذا القول حيث إنهم كانوا يقولون بالشريك فيشمئزون أي تقشعرّ قلوبهم وتنقبض وجوههم من استماع القول بالتّوحيد لاعتصار قلوبهم بخلاف ذكر آلهتهم كما أخبر سبحانه عنهم (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) لذكر آلهتهم أي لفرط افتتانهم وحبّهم بها. وفي الكافي عن الصّادق عليهالسلام أنّه سئل عنها فقال : إذا ذكر الله وحده بطاعة من أمر الله بطاعته من آل محمد صلوات الله عليهم اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ، وإذا ذكر الذين لم يأمر الله بطاعتهم إذا هم يستبشرون. فالآية الشريفة وكلام الإمام عليهالسلام مشعران بغاية عناد المشركين ونهاية جحودهم لقبول التوحيد. ولا شبهة في أن أعداء الله كما يشمئزون بذكره تعالى وتوحيده ، هكذا يشمئزون بذكر أوليائه كالنبيّ وآله الأطهار. ولمّا كان الكفرة لم يتأثروا من ذكر أدلّة التوحيد والمواعظ بل أضافوا على عنادهم عنادا ، تحيّر النبيّ صلوات الله عليه وآله في أمرهم وشأنهم فأمره الله تعالى بأن يتوجّه اليه ويدعوه بما علّمه :
٤٦ ـ (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) فلما كان أحسن