لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦))
٦٢ و ٦٣ ـ (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ...) أي موجده من العدم إلى الوجود (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) أي قائم على حفظ المخلوقات ومتصرف فيهم ، أو المفوّض إليه أمر العباد ، المدبر أمرهم ومديرهم. وقال بعض أهل اللّغة متى وصف به الله تعالى كما في المقام يكون بمعنى الرّزاق الكافي. وأيضا إظهارا للقدرة التامّة يقول سبحانه (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جمع مقلاد بمعنى الخزينة أو الخزانة وجاء بمعنى المفتاح وفسّر : له مفاتيح خزائن السّماوات والأرض. والحاصل أن هذا الكلام كناية عن قدرته على حفظ السّماوات والأرض ومزيد اختصاصه بهما لأن الدّخل في الخزائن لا يتصوّر إلّا لمن تكون المفاتيح بيده وقيل إن المراد بقوله له مقاليد إلخ .. أي ملكهما وذلك كقولهم فلان تولى مقاليد الملك. وبالجملة يستفاد من الكريمة إنّ الله سبحانه هو المالك لجميع الأمور العلويّات والسّفليات وبيده أزمّة الأمور ، فله أن يفتح أبواب الأرزاق لمن يشاء ويغلقها على من يريد ، وينزل الرحمة على من يريد ويسدّها على من يشاء ، وكذلك الأمور الأخر. ولا بد لنا هنا من ذكر شيء عمّا تعرّض له سبحانه من الأمور الآفاقية ، فقد ذكر سبحانه في كتابه السّماء بلفظ الجمع بخلاف الأرض ، ولعلّه على ما ببالي لم يذكر لفظ الجمع في الأرض إلّا في غاية القلّة! والقدر المتيقّن أنّه تعالى يأتي بها مفردا نوعا. ولعل وجهه لإفهام نكتة وكشف سرّ من الأسرار المطويّة في كتابه الكريم. بيان ذلك أن أكابر علماء أهل فنّ معرفة السماء والأرض كالفلكيّين وأهل النجوم اختلفوا في كيفية طبقات السماوات والأرضين على ما ذكر في محله ولسنا في مقام ذكرها لأنه خارج عمّا نحن فيه ، ونحن الآن في مقام وجه الفرق بينهما بإتيان واحد منهما نوعا بلفظ