٦٥ ـ (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ ...) قال ابن عباس : هذه الشريفة (يعني من أوّلها إلى آخرها) أدب من الله لنبيّه (ص) وتهديد لغيره ، لأنّ الله عصمه من الشّرك ، وهو كلام وارد على طريق الفرض والشرط ، وإفراد الخطاب باعتبار كلّ واحد. واللام الأولى موطّئة لقسم والأخريان للجواب. فإن قيل : كيف صحّ هذا الكلام مع علمه سبحانه أنّ رسله لا يشركون ولا تحبط أعمالهم؟ فالجواب أن الكلام قضيّة شرطية والقضيّة الشرطية لا يلزم من صدقها صدق جزأيها. ألا ترى أنّ قولك لو كانت الخمسة زوجا لكانت منقسمة بمتساويين ، قضيّة صادقة مع إن طرفيها غير صادقين؟ قال الله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) هذه قضية صادقة ولم يلزم من صدقها صدق القول بأن فيهما آلهة غيره ... وبأنهما قد فسدتا. ويمكن أن يقال إن الخطاب ظاهرا إلى الرّسل لكن بحسب الواقع والحقيقة هو متوجّه وراجع إلى أفراد الأمّة (وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) وهذا من باب عطف المسبّب على السبب ، والمراد بحبط العمل صيرورته سديّ ، أي باطلا وفاسدا ، وفي النتيجة عدم قبوله ثم إنه تعالى لمّا ذكر هذه بيّن ما هو المقصود فقال سبحانه :
٦٦ ـ (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ...) ردّ لما اقترحوه عليه صلوات الله عليه وآله من استلام ببعض آلهتهم فقال سبحانه : بئس ما أمروك به ولكن كن على طريق الحقّ وكن (مِنَ الشَّاكِرِينَ) نعمه عليك من الهداية والنبوّة والتوحيد والإخلاص في العبادة وغيرها. وقال القمي : هذه مخاطبة للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، والمعنى لأمته ، وهو ما قاله الصّادق عليهالسلام : إن الله بعث نبيّه صلىاللهعليهوآله بإيّاك أعني واسمعي يا جارة ، والدّليل على ذلك قوله تعالى (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وقد علم أنّ نبيّه (ص) يعبده ويشكره ولكن استعبد نبيّه بالدّعاء إليه تأديبا لأمّته. وعن الباقر عليهالسلام أنه سئل عن هذه ، أي آية (لَئِنْ أَشْرَكْتَ