الْحَيَوانُ) ففي كلّ شيء منها حياة أبديّة حتى جماداتها فلها قوّة حسّاسة ، فعلى هذا بمجرّد وصول أهلها إلى بابها تشعر الباب وتحسّ بذلك فتفتح بلا احتياج إلى فاتح كما هو الظاهر من الكريمة ، ويحتمل أن يفتح لهم الموكّلون بها. والحاصل أنه إذا وصلوا بابها (قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) أي يقول لهم الخزنة ذلك تقريعا وتوبيخا لأن الملائكة يكرهون لقاءهم أشدّ الكراهة حيث إنّهم أعداء الله جحدوا وأنكروا البعث والنّشر وكذّبوا الرّسل والآيات جميعا ولذا يسألون : ألم يأتكم الرّسل الذين بعثهم الله إليكم لطفا منه بالعباد لهدايتكم وكانوا من أهاليكم وعشيرتكم وأهل بلادكم ولسانكم لتتمّ الحجّة عليكم و (يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ) أي حججه وما يدّلكم على معرفته وتوحيده ووجوب عبادته (وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) ، (قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) أي نعم قد جاءتنا الآيات والرّسل وخوّفونا ذلك اليوم وهذه النار لكنّها تحققت ووجبت علينا كلمة العذاب أي قوله جلّ وعزّ (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وكنّا ممّن تبعه ـ أي إبليس ـ وتركنا الرّسل وما جاءوا به.
٧٢ ـ (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ ...) أي أنّها مفتوحة لدخولكم. وظاهر الشريفة أنهم مجازون من أيّ باب يريدون يدخلون. ولعل هذا البيان يدل أنها كانت مفتوحة إلى طبقة واحدة ، وهؤلاء كانوا مشتركين في العذاب وكان عذابهم من نوع وسنخ واحد ، وإلّا فإن طبقاتها مختلفة من حيث شدة عذابها وخفته بحسب اختلاف معاصي العصاة شدّة وضعفا وكثرة وقلّة. ويمكن أن يدخلوهم أوّلا ، وبعد الدّخول يعيّن ويميّز مستقرّهم ومثواهم (خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) أي لا يزالون فيها ، وهي بئس موضع لأرباب الأنفة والترفع عن الحق والحقيقة. ولا يخفى أنّ إسناد البؤسيّة إلى الجحيم مع ثبوت حقّانيتها لتنفّر الطّباع من مشاهدتها ، بل من