نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٧٥))
٧٣ ـ (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ ...) أي حثّوهم على المسير إلى مقرّهم الأبدي الذي هيّئ لهم. وقيل في وجه إتيان كلمة (سِيقَ) هنا كما في قضيّة الكفّار ورواحهم إلى الجحيم وجوه ، حيث إن هذه الكلمة تستعمل في سوق الشيء بعنف وشدّة ، وهذا المعنى في المتّقين يشكل ، ولذا ذكروا وجوها لا وجه لها لأن السّوق ليس في معناه العنف والإزعاج وإنّما أشربوا هذا المعنى فيه بقرينة المورد وإلّا فمعناه بحسب اللّغة حثّ الحيوان على السّير ، يقال (ساق) الغنم أي حثّه على السّير من خلفه بخلاف (قاده) وهو معنى يصحّ في المقامين بلا حاجة إلى التكلّفات التي لا فائدة فيها إلّا تضييع العمر أعاذنا الله منها. نعم فرق بين الحثّ في الموردين ، فإن الحثّ في الكفار توبيخيّ وتوهينيّ ، بخلاف الحثّ في المتّقين فإنه حثّ تشويق وتكريم إلى جنّات النعيم (زُمَراً) أي جماعة كثيرة تعقبهم جماعة أخرى كذلك بلا فاصل (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) الكلام في فتحها مرّ آنفا في الآية السّابقة على هذه الشريفة (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) أي بوّابوها من الملائكة الذين تسرّ الناظر إليهم رؤيتهم بحيث لو لم تكن نعمة غيرها لكفاهم (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) بشارة بالسّلامة من المكاره وطبتم نفسا أو طاب لكم المقام أو طهّرتم من الذّنوب وجواب الشرط مقدّر ، أي كان ما كان من الكرامات لهم.
٧٤ ـ (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ ...) أي وعده بالبعث والثواب ، أو الذي وعدنا على ألسنة الرّسل في قوله (أَلَّا تَخافُوا وَلا