حكاية لما يسأل عنه ولما يجاب به بما دلّ عليه ظاهر الحال فيه من زوال الأسباب وارتفاع الوسائط. وأمّا حقيقة الحال فناطقة بذلك دائما.
١٧ ـ (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ...) إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) فإن المحاسب فيه هو الله وهو عدل العادلين ، ولذا جيء بلام نفي الجنس (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فلا يمكن أن يقع اشتباه حيث إن سرعة الحساب كناية عن كمال المهارة والحذاقة فيه ولا سيّما من لا يشغله ولن يشغله شأن عن شأن
* * *
(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠))
١٨ ـ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ ...) كناية عن يوم القيامة ، وسمّيت آزفة لاقترابها ودنوّها ، من أزف بمعنى قرب ، إذ كلّ آت قريب فخوّفهم من ذلك (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) أي أنّها من فزع ذلك اليوم ترتفع عن أماكنها فتلتصق بحلوقهم ، فلا تعود إلى محلّها الأوّل فيتروّحوا ، ولا تخرج عن أفواههم فيستريحوا (كاظِمِينَ) أي ممتلئين غمّا وكآبة. وقال القمّي : مغمومين ومكروبين (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ) أي قريب مشفق عليهم