عسكره ، أو يشتغلوا بذلك عن معاونة موسى عليهالسلام. (وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي في ضياع. ومعناه أن جميع ما يسعون فيه من مكايدة موسى فهو باطل ضائع لأنه ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ، وما يمسك فلا مرسل له من بعده. ثم أخبر سبحانه عن نوع آخر من أنواع القبائح التي يرتكبها فرعون وهو أنّه قال :
٢٦ ـ (وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى ...) يستفاد من الآية أنه في خواصّ فرعون كان شخص مانعا له من قتله وإلّا لم يتعلّل عدم القتل بعدم الإجازة مع كونه سفّاكا في أهون شيء. وفي العلا عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية : ما كان يمنعه؟ قال : منعته له رشدته أي صحة نسبه ، ولا يقتل الأنبياء ولا أولاد الأنبياء إلّا أولاد الزّنى (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) أي إن لم أقتله أخاف تغييره لدينكم الذي أنتم عليه من عبادة الأصنام وعبادتي ، فإذا قتلته نستريح جميعا منه (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) أي فليستجر بالله وليشك إلى ربّه حتى يمنعني عن قتله. وقد قالها تجلّدا ولعدم مبالاته بدعائه ربّه إذ إنه لا يعتقد بربّ موسى عليهالسلام (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) أي ما يفسد دينكم وعقيدتكم أو ما يفسد دنياكم كالإعلان للحرب وتهييج الناس مثلا. ولمّا انتشر في الناس أنّ فرعون عزم على قتل موسى (ع) فرح القبطيّون ووقع بنو إسرائيل في حيص وبيص وأصبحوا في همّ وغمّ.
٢٧ ـ (وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي) ... أي قال لقومه لما سمع بعزم فرعون على قتله (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ) تسلية لهم ، يعني لنا ملاذ وملجأ هو ربّنا وخالقنا وحافظنا من شرّ (كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) يعمّ ذكر هذا الوصف فرعون وغيره وما صرّح باسمه رعاية لحقّه القديم حيث ربّاه في بيته حتى بلغ الرّشد والكمال. وإيثار التكبّر على الاستكبار لأنه أكثر دلالة على فرط الطّغيان والظّلم ، فإنه لا يقصد قتل