٤٠ ـ (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ...) عدلا من الله (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) يعني جزاء السيّئة مقصور على المثل ، لكنّ جزاء الحسنة غير مقصور على المثل بل هو خارج عن حدّ العدّ والحساب ، أي بغير تقدير وموازنة بالعمل بل أضعافا مضاعفة.
٤١ ـ (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ ...) ثم إن المؤمن كشف عن تقيّته ستارها وكشط عنها غطاءها وأظهر لوازم كلامه التي هي أشدّ من التصريح أنّه مؤمن بإله موسى وكافر بربوبيّة فرعون ، فنادى فيهم في مجلس رآه خاليا من فرعون فقال (ما لِي أَدْعُوكُمْ) أي ما لكم؟ وهذا كما يقول الرجل (ما لي أراك حزينا) أي مالك تبدو حزينا؟ ومعناه : أخبروني عنكم ، كيف حالكم هذه؟ أنا أدعوكم إلى الإيمان الذي يوجب النّجاة من العذاب ، وأنتم تدعونني إلى الشّرك الذي عاقبته النار؟ ومن دعا إلى سبب الشيء فقد دعا إليه. ثم فسّر الدّعوتين بقوله :
٤٢ ـ (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ...) أي أنتم تدعونني لربوبيّة من ليس على ربوبيته دليل ، وليس لديه حجّة فهو باطل الربوبية ومدّعاكم بلا دليل ، وهو لا يسمع حيث لا يحصل للإنسان علم بتلك الدّعوى. وهذا هو المراد بقوله (ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) فأنتم هكذا (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) الغالب على كلّ شيء والغفّار لمن تاب عن الشّرك.
٤٣ ـ (لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ...) أي حقّا إن آلهتكم لا تدعو إلى أنفسها لأنها جمادات لا تقدر على النّطق ولا تشعر بشيء فكيف بالدّعوة فليس لآلهتكم دعوة (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) أي مرجعنا إليه سبحانه فيجازي كلّا بعمله (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ) بالشّرك وسفك الدّماء (هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) ملازموها يوم القيامة. وهذا تعريض بفرعون بهذا الذّيل حيث إنه كان سفّاكا كافرا ومشركا يأمر الناس بأن يعبدوه وهو كان يعبد