٤٧ ـ (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ ...) معناه واذكر يا محمد لأمّتك الوقت الذي يتخاصم فيه أهل النار فيها ، فالله سبحانه يفسّر مخاصمتهم وجدالهم بقوله (فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) جمع تابع كخدم جمع خادم. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ) أي هل تدفعون عنّا أو تخفّفون عنّا قسطا من النّار والعذاب الذي نحن فيه بتبعيّتنا لكم؟ ومن شأن الرؤساء أن يدفعوا عن المرؤوسين والأتباع ما يتوجّه إليهم من الحوادث والرّزايا.
٤٨ ـ (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ...) قال أمير المؤمنين (ع) في خطبة له : الاستكبار هو ترك لمن أمروا بطاعته ، والترفّع على من ندبوا إلى متابعته (إِنَّا كُلٌّ فِيها) أي لو كنّا قادرين على ذلك لكنّا ندفع عن أنفسنا ، وحيث لسنا قادرين على ذلك فكيف ندفع العذاب عنكم؟ (إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) بذلك ، وبأن لا يتحمّل أحد عن أحد ، وإنّه يعاقب من أشرك به لا محالة ولا معقّب لحكمه فيجازي كلّا بما يستحقّه. ثم عند هذا الجواب حصل اليأس للأتباع من المتبوعين. فرجعوا جميعا إلى خزنة جهنّم كما أخبر سبحانه عن حالهم ومقالهم :
٤٩ ـ (قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ...) أي أخذوا يستغيثون بخزنتها ويطلبون الدعاء منهم ويتوسّلون بهم بقولهم (ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ).
٥٠ ـ (قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ ...) قالوا هذا توبيخا وإلزاما (بِالْبَيِّناتِ) بالحجج والبراهين (قالُوا بَلى ، قالُوا فَادْعُوا) أي نحن لا نقدر أن ندعوا ربكم ونشفع لكم عنده بعد أن أتمّ عليكم الحجة بإرسال الرّسل وإنزال الكتب وإجراء المعجزات على أياديهم ، فأنتم ادعوه. فهذا جواب يأس لهم ، ومع ذلك فهم يضجّون ويفزعون وينادون