النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٦٣))
٦٠ ـ (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ...) أي ادعوني في جميع مقاصدكم وعند دفع البلايا والمحن وكشف الأضرار حتّى أستجيب لكم لو كان في الاجابة مصلحة مقتضية لها ، وإلّا فلا تستجاب الدعوة. بل ربما تكون فيها المفسدة والداعي لا يعرفها. ويمكن أن يحمل الدّعاء هنا على العبادة والتوحيد ، يعني اعبدوني ووحّدوني أجزيكم ثواب أعمالكم ويؤيّد هذا الاحتمال ظاهر قوله تعالى في ذيل الكريمة (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) أي لا يعبدونني استكبارا وأنفة (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) يعني مهانين أذلّاء. وفي الكافي عن الباقر عليهالسلام في هذه الآية قال : هو الدّعاء ، وأفضل العبادة الدّعاء. وعنه عليهالسلام ، أنّه سئل : أيّ العبادة أفضل؟ فقال : ما من شيء أفضل عند الله عزوجل من أن يسأل ويطلب ما عنده ، وما من أحد أبغض إلى الله عزوجل ممّن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده. ويستفاد من الرّوايات أنّه يطلق على الدعاء عبادة كما هو صريح ما في الصّحيفة السّجاديّة بعد ذكر هذه الشريفة (فسمّيت دعاءك عبادة وتركه استكبارا وتوعّدت على تركه دخول جهنّم داخرين) وفي الاحتجاج عن الصّادق عليهالسلام أنّه سئل : أليس يقول الله أدعوني استجب لكم؟ وقد نرى المضطر يدعوه ولا يجاب له والمظلوم يستنصر على عدوّه فلا ينصره. قال ويحك ما يدعوه أحد إلّا استجاب له. أمّا الظالم فدعاؤه مردود إلى أن يتوب. وأمّا المحق فإذا دعاه استجاب له وصرف عنه البلاء من حيث لا يعلمه ، أو ادّخر له ثوابا جزيلا ليوم حاجته