إليه وإن لم يكن الأمر الذي سأل العبد خيرا له إن أعطاه ، أمسك عنه. والمؤمن العارف بالله ربّما عزّ عليه أن يدعوه فيما لا يدري أصواب ذلك أم خطأ.
٦١ ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ...) أي لاستراحتكم فيه بأن خلقه باردا مظلما لتأديته إلى ضعف المحركات أو هدوء الحواسّ (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) يبصر فيه ، وإسناد الإبصار إليه مجاز فيه مبالغة. ووجه مناسبة هذه الآية مع ما سبق أنه تعالى بعد أمر العباد بالعبادة والدّعاء شرع في بيان توحيده وتعداد نعمه لترغيب العباد في العبادة ورفع الحاجة إليه سبحانه لأنه القادر على كلّ شيء وذو الجود والكرم على الخلائق أجمعين. ومن جملة نعمه وفضله عليهم خلق اللّيل والنهار وجعل واحد منها محلّ راحة للأعضاء التّعبة من أشغال اليوم حتى بالنسبة إلى القوى الظاهريّة والباطنيّة ، فإنها أيضا تبعا للأعضاء مشتغلة بأشغالها المقرّرة لها ، فقهرا تكون تعبانة وكسلانة ، فإذا غشيها الليل تصير مرتاحة وناشطة للاشتغال في يومها الآتي ، وجعل واحدا آخر سببا لإبصار الناس للاشتغال بأمور معاشهم ومعادهم وذلك تقدير العزيز الحكيم فلتنبه العباد لهاتين النعمتين العظيمتين يقول سبحانه (اللهُ الَّذِي) ، الآية ، (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) أي فضل عظيم لا يوازنه فضل (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) فيا ليت كانوا لا يشكرون فقط بل يكفرون بآياته الدالة على ذاته المقدّسة وعلى أحديّته ويجحدون نعمه جحدا يكشف عن غاية شقاوتهم وكمال خباثتهم لأن عقل كل عاقل يحكم بأن جزاء الإحسان هو الإحسان بل ذوو الشعور يدركون هذا المعنى كما يشاهد في الكلب العقور إذا يعطى لقمة خبز أو قطعة لحم فلا يؤذي الإنسان! وهؤلاء المشركون أخبث وأنجس وأشقى من كلّ شقيّ وأدنى من كلّ دني. فإن قيل إن الموافق لرعاية السياق أن يقال في صدر الآية (لتبصروا) كما قال (لِتَسْكُنُوا)؟